للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الصديق]

هذا ونريد بعد ذلك أن نبّين موقف أهل البيت من ثاني اثنين إذ هما في الغار، من الصديق الأكبر رضي الله عنه، فيقول فيه ابن عم النبي وصهره، زوج ابنته، ووالد سبطيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو يذكر بيعة أبي بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند انثيال (انثيال الناس أي انصبابهم من كل وجه كما ينثال التراب كما قاله ابن أبي الحديد شارح نهج البلاغة) الناس على أبي بكر، وإجفالهم (الإجفال الإسراع) إليه ليبايعوه: فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر، فبايعته ونهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل وزهق وكانت "كلمة الله هي العليا" ولو كره الكافرون، فتولى أبو بكر تلك الأمور فيسر، وسدد، وقارب، واقتصد، فصحبته مناصحاً، وأطعته فيما أطاع الله (فيه) جاهداً" (الغارات) (١/ ٣٠٧) تحت عنوان "رسالة علي عليه السلام إلى أصحابه بعد مقتل محمد بن أبي بكر").

ويذكر في رسالة أخرى أرسلها إلى أهل مصر مع عامله الذي استعمله عليها قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري "بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من بلغه كتابي هذا من المسلمين، سلام عليكم فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو. أما بعد! فإن الله بحسن صنعه وتقديره وتدبيره اختار الإسلام ديناً لنفسه وملائكته ورسله، وبعث به الرسل إلى عباده (و) خص من انتخب من خلقه، فكان مما أكرم الله عز وجل به هذه الأمة وخصهم (به) من الفضيلة أن بعث محمداً - صلى الله عليه وسلم – (إليهم) فعلمهم الكتاب والحكمة والسنة والفرائض، وأدّبهم لكيما يهتدوا، وجمعهم لكيما (لا) يتفرقوا، وزكاهم لكيما يتطهروا، فلما قضى من ذلك ما عليه قبضه الله (إليه فعليه) صلوات الله وسلامه ورحمته ورضوانه إنه حميد مجيد. ثم إن المسلمين من بعده استخلفوا امرأين منهم صالحين عملاً بالكتاب وأحسنا السيرة ولم يتعديا السنة ثم توفاهما الله فرحمهما الله" (الغارات) (١/ ٢١٠) ومثله باختلاف يسير في (شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد، و (ناسخ التواريخ) (ج٣ كتاب٢ ص٢٤١) ط إيران، و (مجمع البحار) للمجلسي.

ويقول أيضاً وهو يذكر خلافة الصديق وسيرته: فاختار المسلمون بعده (أي النبي صلى الله عليه وسلم) رجلاً منهم، فقارب وسدد بحسب استطاعة على خوف وجد" (شرح نهج البلاغة) للميثم البحراني (ص٤٠٠).

ولم اختار المسلمون أبا بكر خليفة للنبي وإماماً لهم؟ يجيب عليه المرتضى رضي الله عنه وابن عمة الرسول زبير بن العوام رضي الله عنه بقولهما: وإنا نرى أبا بكر أحق الناس بها، إنه لصاحب الغار وثاني اثنين، وإنا لنعرف له سنة، ولقد أمره رسول الله بالصلاة وهو حي" (شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد الشيعي (١/ ٣٣٢).

ومعنى ذلك أن خلافته كانت بإيعاز الرسول عليه السلام.

وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه قال هذا القول رداً على أبي سفيان حين حرضه على طلب الخلافة كما ذكر ابن أبي الحديد جاء أبو سفيان إلى علي عليه السلام، فقال: وليتم على هذا الأمر أذل بيت في قريش، أما والله لئن شئت لأملأنها على أبي فصيل خيلاً ورجلاً، فقال علي عليه السلام: طالما غششت الإسلام وأهله، فما ضررتهم شيئاً، لا حاجة لنا إلى خيلك ورجلك، لولا أنا رأينا أبا بكر لها أهلاً لما تركناه" (شرح ابن أبي الحديد) (١/ ١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>