للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الأول: عداء الشيعة الاثني عشرية للأئمة الأربعة:]

كان موقف أعلام الاثني عشرية وأقطابها قديماً وحديثاً من أئمة المذاهب السنية الأربعة وأتباعهم موقف عداءٍ.

ولا ينبغي أن يُستغرب هذا منهم بحال؛ فقد نصبوا العداء لمن هم أفضل من هؤلاء وأكمل؛ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه رضي الله عنهم.

ومما سوّد به الاثنا عشرية كتبهم من مواقف عدائية تجاه أئمة السنة الأربعة وغيرهم: ما أخرجه الكليني بسنده إلى أبي جعفر الباقر أنه قال -وهو مستقبل الكعبة-: (إنما أُمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها ثم يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا، وهو قول الله: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:٨٢]- ثم أومأ بيده إلى صدره- إلى ولايتنا. ثم قال: يا سدير (١)! فأُريك الصّادين عن دين الله؟ ثمّ نظر إلى أبي حنيفة وسفيان الثوريّ في ذلك الزمان وهم حِلَقٌ في المسجد، فقال: هؤلاء الصادّون عن دين الله بلا هدى من الله ولا كتابٍ مبين. إن هؤلاء الأخابث لو جلسوا في بيوتهم فجاء الناس فلم يجدوا أحداً يُخْبِرُهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم حتّى يأتونا فنخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم) (٢).ويقول شيخهم الأوالي (٣): (ذكر نبذة من أحوال أئمتهم الأربعة وسائر علمائهم المبتدعة، وما أحدثوه في الدّين من البدع الفظيعة، لا سيما من بينهم أبو حنيفة صاحب البدع الكسيفة، ومَن ليس له من الله خيفة)! (٤).وذكر القاضي عياض في الترتيب أن رجلاً من الإمامية سأل مالكاً رحمه الله: (من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟) فقال مالك: أبو بكر. قال: ثم من؟ قال: عمر. قال: ثم من؟ قال: الخليفة المقتول ظلماً عثمان. فكان جواب هذا السائل الرافضي أن قال للإمام: "والله لا أجالسك أبداً" (٥).

المصدر:موقف الشيعة الاثني عشرية من الأئمة الأربعة لخالد بن أحمد الزهراني

ومن صور عدائهم للأئمة الأربعة أيضاً ما جاء على لسان بعض شعرائهم:

إذا شئت أن ترضى لنفسك مذهباً ... ينجيك يوم البعث من ألم النار

فدع عنك قول الشافعي ومالكٍ ... وأحمد والنعمان أو كعب أحبار (٦)

ووال أناساً قَولُهُم وحَدِيثُهُم ... روى جَدُّنا عن جبرائيل عن الباري (٧) ... ... ...

وجاء في مقدمة كتاب (مختلف الشيعة) للحلي ما يبين نظرتهم التهكمية للأئمة الأربعة:

قالوا: لأي شيء أخذت نعلك معك وهذا مما لا يليق بعاقل بل إنسان؟ قال: خفتُ أن يسرقه الحنفية كما سرق أبو حنيفة نعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.


(١) هو راوي هذا الخبر.
(٢) ((أصول الكافي)) (١/ ٣٩٢ - ٣٩٣).
(٣) هو يوسف بن أحمد بن إبراهيم الدرازي الأوالي البحراني، من علماء الاثني عشرية بالبحرين، من مؤلفاته: سلاسل الحديد في تقييد ابن أبي الحديد، توفي بكربلاء عام (١١٨٦هـ) ودفن بها. معجم المؤلفين (١٣/ ٢٦٨ - ٩).
(٤) انظر: ((الصارم الحديد في عنق صاحب سلاسل الحديد))، لأبي الفوز محمد السويديّ (ق٦٤٨/أ) (مخطوط)، و ((سلاسل الحديد)) للأوالي.
(٥) ((ترتيب المدارك في أسماء من روى عن الإمام مالك رحمه الله من شيوخه)) (١/ ١٧٤ - ١٧٥).
(٦) هو كعب الأحبار بن مانع، ويكنى أبا إسحاق؛ كان يهودياً فأسلم، وقدم المدينة، ثم خرج إلى الشام فسكن حمص. أسند عن عمر وعائشة وصهيب رضي الله عنهم، وتوفي عام (٣٢هـ). صفة الصفوة لابن الجوزي (٤/ ٢٠٣ - ٢٠٥).
(٧) ذكرها بهذا اللفظ المجلسي ((في البحار)) (١٠٨/ ١١٧)، والبياضي في ((الصراط المستقيم)) (٣/ ٢٠٧) مع بعض الاختلاف في الألفاظ. وانظر: ((منهاج السنة النبوية)) لشيخ الإسلام (٤/ ١٠٣)، وما عارض به أهل السنة هذه الأبيات في (٤/ ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>