للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثالث: فتاوى كبار علماء الشيعة تُجوّز العمل ببدعة النياحة واللطم وغيرها

... وإليك فتوى أحد كبارهم وهو من أسموه بالإمام المحقق رئيس الفقهاء العظام آية الله العظمى الشيخ محمد حسين النائيني عندما سئل عن شعائرهم وطقوسهم التي يمارسونها في مآتمهم وحسينياتهم:

... الأولى: خروج المواكب العزائية في عشرة عاشوراء ونحوها إلى الطرق والشوارع، مما لا شبهة في جوازه ورجحانه، وكونه من أظهر مصاديق ما يقام به عزاء المظلوم، وأيسر الوسائل لتبليغ الدعوة الحسينية إلى كل قريب وبعيد، لكن اللازم تنزيه هذا الشعار العظيم عما لا يليق بعباده مثله، من غناء أو استعمال آلات اللهو والتدافع في التقدّم والتأخر بين أهل محلتين، ونحو ذلك، ولو اتفق شيء من ذلك، فذلك الحرام الواقع في البين هو المحرم، ولا تسري حرمته إلى الموكب العزائي، ويكون كالناظر إلى الأجنبية حال الصلاة في عدم بطلانها.

... الثانية: لا إشكال في جواز اللطم بالأيدي على الخدود والصدور حد الاحمرار والاسوداد، بل يقوى جواز الضرب بالسلاسل أيضاً على الأكتاف والظهور إلى الحد المذكور، بل وإن تأدى كل من اللطم والضرب إلى خروج دم يسير على الأقوى، وأما إخراج الدم من الناصية بالسيوف والقامات فالأقوى

جواز ما كان ضرره مأموناً، وكان من مجرد إخراج الدم من الناصية بلا صدمة على عظمها ولا يتعقب عادة بخروج ما يضر خروجه من الدم، ونحو ذلك، كما يعرفه المتدربون العارفون بكيفية الضرب، ولو كان عند الضرب مأموناً ضرره بحسب العادة، ولكن اتفق خروج الدم قدر ما يضر خروجه لم يكن ذلك موجباً لحرمته، ويكون كمن توضأ أو اغتسل أو صام آمناً من ضرره ثم تبيّن ضرره منه، لكن الأولى، بل الأحوط، أن لا يقتحمه غير العارفين المتدربين ولا سيما الشبان الذين لا يبالون بما يوردون على أنفسهم لعظم المصيبة وامتلاء قلوبهم من المحبة الحسينية. ثبتهم الله تعالى بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

... الثالثة: الظاهر عدم الإشكال في جواز التشبيهات والتمثيلات التي جرت عادة الشيعة الإمامية باتخاذها لإقامة العزاء والبكاء والإبكاء منذ قرون، وإن تضمنت لبس الرجال ملابس النساء على الأقوى، فإنا وإن كنا مستشكلين سابقاً في جوازه، وقيّدنا جواز التمثيل في الفتوى الصادرة منه قبل أربع سنوات، لكنا لما راجعنا المسألة ثانياً اتضح عندنا أن المحرّم من تشبيه الرجل بالمرأة هو ما كان خروجاً من زي الرجال رأساً، وأخذاً بزي النساء دونما إذا تلبس بملابسها مقداراً من الزمان بلا تبديل لزيه، كما هو الحال في هذه التشبيهات، وقد استدركنا ذلك أخيراً في حواشينا على العروة الوثقى.

... نعم يلزم تنزيهاً أيضاً عن المحرمات الشرعية، وإن كانت على فرض وقوعها لا تسري حرمتها إلى التشبيه، كما تقدّم.

الرابعة: الدمام المتعمل في هذه المواكب مما لم يتحقق لنا إلى الآن حقيقته، فإن كان مورد استعماله هو إقامة العزاء وعند طلب الاجتماع تنبيه الراكب على الركوب وفي الهوسات القريبة ونحو ذلك .... ولا يستعمل فيما يطلب فيه اللهو والسرور وكما هو المعروف عندنا في النجف الأشرف فالظاهر جوازه والله أعلم" (١).

... وقد وافقه على هذه الفتوى كما جاءت في المصدر المذكور كل من:

١ - آية الله العظمى ميرزا عبد الهادي الشيرازي بقوله: ما ذكره قدس سره في هذه الورقة صحيح إن شاء الله تعالى.

٢ - آية الله العظمى محسن الحكيم الطباطبائي.

٣ - آية الله العظمى أبو القاسم الخوئي قال: "ما أفاده شيخنا الأستاذ قدس سره في أجوبته هذه عن الأسئلة البصرية هو الصحيح ولا بأس بالعمل على طبقه ".


(١) نقل الفتوى شيخهم مرتضى عياد في ((مقتل الحسين)) (ص ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>