للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث التاسع عشر: الجمع بين الصلاتين:]

تنفرد الشيعة الإمامية بالجمع بين صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء في الحضر, وموقفي من هذا الخلاف الفقهي يختلف تماماً عن غيره من المسائل الفقهية, إلا أن هذه الظاهرة التي تنفرد بها الشيعة قد تضر بالوحدة الإسلامية الكبرى, ولا سيما أن الأكثرية من فقهاء الشيعة يفتون باستحباب إتيان الصلوات في أوقاتها المحددة, ولكن من الناحية العملية يذهبون إلى الجمع, وقد جرت العادة في مساجد الشيعة على هذا النحو أيضاً، والصلوات الخمس فرضت لأوقات محددة وسميت بها, فوقت العصر يختلف عن الظهر والعشاء من الناحية الزمانية يختلف عن المغرب, ولا شك أن هناك حكمة بالغة إلهية في فرض الصلوات في هذه الأوقات الخمسة, وجعلها عمود الدين ومن أهم الشعائر الإسلامية، وكان الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يصلي في مسجده بالمدينة في الأوقات الخمسة, وهكذا الخلفاء من بعده بما فيهم الإمام " علي ", وهكذا كانت سيرة أئمة الشيعة، وإذا ما جمع الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بين الصلاتين مرةً أو مرتين في غير سفر فقد كان لضرورة أو للترخيص, أما عمله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فكان هو الالتزام بالأوقات الخمسة. وليت شعري أن أعرف هل هناك سبب يجدي بالخير في التظاهر بهذا الاختلاف مع الأكثرية الساحقة من المسلمين, أم أنه عمل سنَّه أناس كان غرضهم عزل الشيعة عن كل مظاهر الوحدة؟ ثم سار عليه الفقهاء وأئمة المساجد وهم يعلمون أو لا يعلمون, ونحن في العملية التصحيحية نهتم بجمع الشمل من الناحية النظرية والعملية على السواء, ورسالتنا هي القضاء الأبدي على كل مظاهر الفرقة الفكرية والعملية, وكل ما يدور حولهما, وهذا لا يتم إلا بالعودة إلى عصر الرسالة والتمسك بسنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم على الطريقة التي كان صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يؤديها ولا أعتقد أنه يوجد بين المسلمين شخص واحد يفضل على عمل رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وسنته عمل الآخرين وآراءهم, ومن هنا نحن نهيب بأئمة مساجد الشيعة وبالشيعة أنفسهم أن يلتزموا بالصلوات في أوقاتها ويضعوا نصب أعينهم الصلوات الخمس التي كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يؤديها في مسجده بالمدينة ومعه صحابته من المهاجرين والأنصار, وأن لا يشذوا عن طريق رسمه للمسلمين نبي الإسلام, ففي الاقتداء به وبسنته عزهم وكرامتهم وشوكتهم, وهذا هو الإمام " علي " يكتب إلى أمراء البلاد حول الصلاة وأوقاتها وقد جاء في كتابه: " أما بعد: فصلوا بالناس الظهر حتى تفيء الشمس من مربض العنز وصلوا بهم العصر والشمس بيضاء حية ...... وصلوا بهم المغرب حين يفطر الصائم ...... وصلوا بهم العشاء حين يتوارى الشفق إلى ثلث الليل وصلوا بهم الغداة والرجل يعرف وجه صاحبه .... " (١).

المصدر:الشيعة والتصحيح لموسى الموسوي - ص٩٥

عن جعفر الصادق قال: ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر في مكان واحد من غير علة ولا سبب، فقال له عمر، وكان أجرأ القوم عليه، أحدث في الصلاة شيء؟ قال: لا ولكن أردت أن أوسع على أمتي) وعنه قال: "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس الظهر والعصر حين زالت الشمس، في جماعة من غير علة، وصلى بهم المغرب والعشاء، بعد سقوط الشفق، من غير علة في جماعة، وإنما فعل ذلك ليتسع الوقت على أمته " وذلك لتبرير أن أوقات الصلاة عند الشيعة ثلاثة لا خمسة كأهل السنة والجماعة، وما ورد من الأحاديث في هذا الشأن يفيد جواز الجمع بين صلاتي النهار وصلاتي الليل إذا خَيف الوقوع في الحرج وليس كما يفعل الشيعة.

المصدر:الجذور اليهودية للشيعة في كتاب علل الشرائع للصدوق الشيعي لمحمد عبد المنعم بري


(١) ((نهج البلاغة)) (٣/ ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>