للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثاني: خيانات الشيعة لآل البيت]

إن الخائن لا يلوي على شيء، ولا يفرق مع من يكون خائنًا، ومع من يكون أمينًا، فإن الخيانة داء إذا خالط دماء الإنسان فإنه يجعله خائنًا ولو مع أقرب الناس إليه.

والشيعة الذين غالوا في حب آل البيت وعلى رأسهم علي بن أبي طالب ثبتت خيانتهم لهم منذ اللحظات الأولى لظهور التشيع إبَّان الفتن التي ثارت ثائرتها بين الصحابيين الجليلين علي ومعاوية رضوان الله عليهما.

خيانتهم لعلي بن أبي طالب: "يا أمير المؤمنين لقد نفدت نبالنا وكلَّت سيوفنا، ونصلت أسنة رماحنا فارجع بنا فلنستعد بأحسن عدتنا ... فأدرك علي أن عزائمهم هي التي كلت ووهنت وليس سيوفهم، فقد بدأوا يتسللون من معسكره عائدين إلى بيوتهم دون علمه، حتى أصبح المعسكر خاليًا، فلما رأى ذلك دخل الكوفة وانكسر عليه رأيه في المسير" (١)."وأدرك الإمام علي أن هؤلاء القوم لا يمكن أن تنتصر بهم قضية مهما كانت عادلة ولم يستطع أن يكتم هذا الضيق فقال لهم: ما أنتم إلا أسود الشرى في الدعة وثعالب رواغة حين تدعون إلى البأس وما أنتم لي بثقة ... وما أنتم بركب يصال بكم، ولا ذي عز يعتصم إليه، لعمر الله لبئس حشاش الحرب أنتم، إنكم تكادون ولا تكيدون وتنتقص أطرافكم ولا تتحاشون .. " (٢)

والعجيب أن شيعة علي من أهل العراق لم يتقاعسوا عن المسير معه لحرب الشام فقط، وإنما جبنوا وتثاقلوا عن الدفاع عن بلادهم، فقد هاجمت جيوش معاوية عين التمر وغيرها من أطراف العراق، فلم يذعنوا لأمر علي بالنهوض للدفاع عنها حتى قال لهم أمير المؤمنين علي: "يا أهل الكوفة كلما سمعتم بمنسر (٣) من مناسر أهل الشام انجحر كل امرئ منكم في بيته وأغلق بابه انجحار الضب في جحره والضبع في وجارها، المغرور من غررتموه ولمن فازكم فاز بالسهم الأخيب، لا أحرار عند النداء، ولا إخوان ثقة عند النجاء، إنا لله وإنا إليه راجعون" (٤).


(١) انظر تاريخ الطبري: ((تاريخ الأمم والملوك)) (٥/ ٨٩، ٩٠) , وابن الأثير: ((الكامل في التاريخ)) (٣/ ٣٤٩).
(٢) انظر ((تاريخ الطبري)) (٥/ ٩٠)، و ((العالم الإسلامي في العصر الأموي)) (ص٩١).
(٣) المنسر هي القطعة من الجيش تكون أمامه.
(٤) انظر ((تاريخ الطبري)) (٥/ ١٣٥) , و ((العالم الإسلامي في العصر الأموي)) (ص٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>