للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: التصوف البدعى]

وهذا التصوف خليط من التصوف الإسلامي والتصوف الجاهلي، وقد يكون رجاله أهل علم وأصحاب نوايا حسنة، وأثرت فيهم العادات السائدة في عصرهم وخاصة ما فيها من بدع.

بعضهم حاول إصلاح الطرق فلم يستطع فاضطروا إلى تأويل أعمالهم التي هي في الظاهر مخالفة لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ليوهموا الناس بأنها لا تعارض النصوص الشرعية وليسلموا من الطعون والانتقادات الموجهة إليهم.

وهؤلاء القوم ليس لهم تطلع لإقامة دين الله تعالى في الأرض بل هم يشغلون أنفسهم بأمور أهمها:

١ - الاشتغال بالأذكار والأوراد وغالباً ما تكون طريقتهم في الذكر غير مطابقة للسنة بل تشتمل على بعض البدع، كأن يكون الذكر بصورة جماعية، ويسبق بعضهم بعضاً مما يجعل المسبوق يترك بعض الكلمات التي تخل بالمعنى، إضافة إلى الحركات المصطنعة التي يحدثونها أثناء الذكر من التمايل والقفز والتراقص.

كما أن أورادهم غالباً ما تشتمل على الاستشفاع والتوسل بالأولياء والصالحين والاستعانة بالمقبورين، والاستغاثة بهم والتوجه إليهم بالدعاء.

٢ - التربية والتزكية عن طريق النوافل، فهم غالباً يحرصون على الإكثار من صيام التطوع فبعضهم يتحرى صيام المندوبات والبعض يصوم زيادة على ذلك. وكذلك الصلوات فهم يكثرون من صلاة النافلة وقيام الليل بل يجعلوا لكل ليلة قيامًا مخصوصاً وتلاوة مخصوصة، ولا يجوز تخصيص يوم أو ليلة بعبادة مخصوصة إلا بدليل.

٣ - البيعة يهتم كثير من أصحاب الطرق الصوفية البدعية بأخذ البيعة من المريد وتكون البيعة على الطاعة المطلقة لشيخه، دون الاعتراض عليه. والطاعة المطلقة لا تصح إلا للمعصوم عليه السلام وكل بيعة لغيره يجب أن تكون مقيدة في حدود عدم المعصية لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فإنه ((لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف)) (١).

أبرز ما يميز هذا النوع من التصوف هو الوقوع في البدع.

أقسام البدعة:

البدعة تنقسم إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة:

١ - البدعة الحسنة أو السنة الحسنة وهي تكون في الجوانب الحياتية والتقدم العلمي التجريبي وفى الأمور التي تخضع للمصالح المرسلة "المصالح العامة التي لا نص فيها " كعمل صندوق للصدقات وبناء المستشفيات والمدارس التعليمية وما شابه ذلك. ٢ - البدعة السيئة وهي كل محدثة في دين الله تعالى لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة)) (٢).

وقد وقع الصوفية في كثير من البدع والشركيات منها.

ما يكون من غلاة عباد القبور الذين يزعمون أن أرواح الأولياء تتصرف بعد الموت فيقضون الحاجات ويفرجون الكربات وينصرون من دعاهم ويحفظون من التجأ إليهم ولاذ بحماهم، فإن هذه من خصائص الربوبية


(١) رواه البخاري (٧٢٥٧) ومسلم (١٨٤٠)
(٢) رواه الترمذي (٢٦٧٦) والطبراني (١٥٣٢٨) قال الترمذي حسن صحيح، وصححه العراقي في ((الباعث على الخلاص)) (١) والألباني في ((صحيح الترمذي))

<<  <  ج: ص:  >  >>