للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: عند اليهود]

مر في فصل سابق وصف الأستاذ عبد الأحد داوُد للتصوف اليهودي الذي كانوا يسمونه (التنبؤ)، وأنهم كانوا يسمون الواصل إلى الجذبة وأحلامها (نبي)، ويسمون الشيخ المسلك (صوفي)، أي المراقب أو المرشد. وكانت عندهم- على قلتهم- عدة طرق، منها (الإلكسائية) و (الأبيونية).

وبعد ظهور الإسلام بقرون، ولعله في حوالي القرن الخامس الهجري، صار التصوف اليهودي معروفاً باسم (الكبالة Gabbalah)، أي المأثور، مع الاحتفاظ بالاسم القديم (التنبؤ).

وهناك أشياء مثيرة للانتباه؟ ففي التنبؤ اليهودي (أو الكبالة) يصنفون الواصلين إلى الجذبة على ثلاث مراتب: نبي (ومعناها الناطق)، أو نبي سفاتايم (أي: ناطق الشفتين)، ثم رائي، ثم بصير- وهو أعلاها- والبصير عندما يتصدى لتسليك المريدين يسمى (صوفي)، أي: المرشد. ورأينا في فصول سابقة أن متصوفة المسلمين يقسمون المكاشفين كذلك إلى نفس المراتب الثلاث: المحاضر (من المحاضرة)، ثم المكاشف (من المكاشفة)، ثم المشاهد (من المشاهدة)، وهو أعلاها، وعندما يتصدى من وصل إلى مقام المشاهدة إلى تسليك المريدين يسمونه (المرشد).

وواضح أن هذه المصطلحات، التصوفية هي مرادفات للمصطلحات الكبالية.

وشيء آخر، نقرأ في المعجم الفرنسي ( La ousse) وصفاً للكبالة ترجمته كما يلي: (تفسير يهودي باطني ورمزي لنص الكتاب المقدس)، كتابه التقليدي (الكلاسيكي) هو (الزوهار) أو كتاب (الإشراق). وأنصار العلوم الخفائية (الباطنية) يستعملون رموز الكبالة في اتجاه سحري. اهـ.

نلاحظ أن أسلوب الكبالة في تفسير الكتاب المقدس هو باطني ورمزي، مثل تفسير متصوفة المسلمين للقرآن الكريم تماماً.

وكذلك استعمال الرموز الكبالية في السحر هو مثل استعمال الرموز الصوفية في السحر.

أما كتاب الإشراق (الزوهار)، فقد ظهر في أوائل القرن السادس الهجري لمؤلف يهودي من مدينة ليون في إسبانيا، كما يظن، ويمكن أن يكون أقدم من ذلك بقليل أو كثير.

ولننتبه إلى أن واقع تصنيف أحلام الجذبة (محاضرة ثم مكاشفة ثم مشاهدة) تابع لتوجيهات الشيخ المسلك، ولتوجيهاته فقط، وأن خوارق شتى تحدث على أيدي الكباليين.

المصدر:الكشف عن حقيقة الصوفية لمحمود عبد الرؤوف القاسم - ص٧٦٨، ٧٦٩

<<  <  ج: ص:  >  >>