للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: نماذج من أشعار القوم في الترويج لها]

ولم يكتفوا بما يشيعونه نثراً بل جندوا الشعر أيضاً لنفس الغرض، واستغلوا خاصية الشعر وخصوصاً أنه يلقى ملحناً، وعلى إيقاع الطبول والشبابات في كثير من الأحيان، فيعمل عمله في الناس، ويهزهم هزاً ويحركهم إلى لزيارة بقوة.

فمما ينشدون من القصائد:

ياذا البريق الشرقي ... اللي تنمنم من قدا قبر هود

نبي رب الخلق ... صلى الله عليه نعم الودود

وأشتب جمر العشق ... من ضوء نوره في سحاب النجود

وأنهل مزن الودق ... وعم نفعه في جميع الوجود

نوره بدأ للزوار

مثل القمر في الأغدار

يا بخت من هو قد زار

يعطيه خير الرزق

والأنس والأنوار

وسط اللحود

باللطف ثم الرفق

بصحبة من رب

كريم يجود

هود نبي مرسل

بوادي الأحقاف

قبره صحيح

سر زره واحذر تكسل

واطلب مرادك منه

حول الضريح

تعطى وتحظى فأسأل

بقلب منكسر

فقير طريح

وإن لاح ضوء البرق

فاشرب صفا

حالى هنيء الورود

ومنها:

قد زاره ذو القرنين ... مذكور في تاريخ تيجانهم

وزاره كم من زين ... محمد بن علي وعلويهم

وابنه نور الدين ... وابنه محمد وابنه غوثهم

والبحر زاره وعمر ... والعيدروس الأشهر وضوء النور

والشيخ قد أسقى ... عند النبي هود وسمي العمود

وأحمد أبي الجعد أرقى ... إلى المعالي وارتقى في السعود

وزاره با عباد ... وبنى هناك مسجد وسبع المكان

ومنها:

قبره محقق يا صاح ... بالموضع المعروف في حضرموت

في الشعب نوره يلتاح ... زاروه الأقطاب الكبار الرتوت

باشباحهم والأرواح ... ساروا جميعاً للحسين النعوت

أو قصيدة عبد الله بن علوي الحداد: (١)

يا وجيه إنها هبت رياح السعود ... وأومض البرق في الداجي من أقصى النجود

ذكرتني ليالى قد خلت حول هود ... شعب ثبر المرسل وفي العهود

ياليالى الرضا عودي ليخضر عودي ... باللقا والتداني بعد طول الصدود

التهويدة:

ومن النماذج الطريفة لاستخدام الشعر وتجنيده في الحث على هذه الزيارة، ما يسمى بـ " التهويدة " وهي: " إعلان وإعلام مسبق، وتذكير للناس بقرب موعد زيارة قبر النبي هود عليه السلام "، تتم التهويدة في ساحات المساجد بعد خروج المصلين من صلاة العشاء في ليلة ٢٧ رجب، حيث تتم قراءة قصة الإسراء والمعراج في المسجد، كما تتم التهويدة أيضاً في آخر يوم أربعاء من شهر رجب بعد خروج الناس أيضاً من المساجد، وبعد قراءة المولد وصلاة العشاء.

والتهويدة هي رفع الصوت بشكل جماعي عند المناداة بعبارات من مثل:

هود يا هود النبي.

يا نبي الله هوديا مولى النهر – يقصد النبي هود. (٢)

ويفصل أكثر الصبان حيث يقول تحت عنوان " التهويدة ":

" في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب، تقرأ في المساجد والجوامع قصة الإسراء والمعراج، وعند الانتهاء تكون التهويدة، وفي آخر يوم أربعاء من شهر رجب، تقرأ قصة المولد بتريم، وعند الانتهاء تكون التهويدة، وهي تسجيعات تحث على زيارة قبر هود، وعند كل آخر تسجيعة تغنى لفظ الجلالة ثم يقول الجميع بأصوات مرتفعة (هود يا هود).

يا غافل اذكر الله .. وقل لا إله إلا الله

موجود في كل مكان .. الله الله الله

يا هود يا نبي الله

يا اللي كلمه الغزال

وحنت عليه الجمال

رسول الله مولى بلال

شفيع الخلق عند الله

يا هود يا هود يا نبي الله

وبعد الانتهاء من التهويدة يصطف الناس صفوفاً، وتبدأ الأراجيز في مجاميع، كل مجموعة تتكون غالباً من عشرين إلى خمسين شخصاً، ويتوسطهم شلال " حادي " يتغنى بالقصائد، والمجموعة تردد الترجيع الذي لقنهم إياه من أراجيز الإعلام، يا زائرين النبي " يا نبي الله، جئنا إليك " ويستمر الحادي يتلو أهازيجه والجميع يرددون بعد كل بيت " يا نبي الله، جئنا إليك ". ثم هناك أراجيز أخرى: توسلات وتمجيد للمناصب والمشايخ " يا شيخنا يا سقاف " " يا شيخنا يا محضار "، ومن الأراجيز ما هو تمجيد لله كقوله " سبحان من لا يفنى ولا يزول ملكه ". وتعتبر هذه الليلة الشهار (إي الدعوة إلى الزيارة)، ويعتبرها الحاضرون والمرتجزون ليلة سعد فيرددون " يا ليلة السعد عودي " ويتلو الحادي القصائد على هذه النغمة، والغالب أن طبقة العمال والحرف هم الذين يقومون بهذه الأراجيز، ويشاركهم غيرهم من الطبقات الأخرى بقلة" (٣)


(١) ((الصبان)) (ص٣٠)، وانظر ((الدر المنضود)) (ص٤٨)
(٢) ((كرامة سليمان)) (ص٢٩٢)
(٣) ((الصبان)) (ص٣١ – ٣٢)، وذكر عبيدون التهويدة بإيجاز (ص٦٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>