للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثالث: وسائل جذب الزوار لهذه الزيارة]

سبق أن أثبتنا أن للعاملين على إحياء وإقامة هذه الزيارة أهدافاً كبيرة وبالتالي يعملون بكل ممكن على تحقيقها، ومن المعلوم أن بعض الناس لا يتورع عن استخدام الوسائل غير الشرعية لتحقيق أهدافه، فالغاية عندهم تبرر الوسيلة، وهذا ما يحصل هنا، يقول الصبان: (والزيارة وإن تحدت المفهوم الشرعي أو القيد الشرعي، فإن الدوافع لحضورها تختلف اختلافاً جذرياً، فمن الزوار من يرحل للبيع والشراء، ويدفعه السوق التجاري إلى ذلك، ومنهم من يرحل للنزهة، ويرى فيها متنفساً من متاعب العام، ومنهم من يرحل للتبرك وطلب المدد من المزار له، ولكل امرئ ما نوى).

وفقهاء الشافعية يصرحون بما لا يدع مجالاً للشك بتحريم المعازف وآلات اللهو، ومنها الطبول والشبابات كما ذكر ذلك بتوسع العلامة ابن حجر الهيتمي في كتابه (الزواجر عن اقتراف الكبائر ج٢ ص ٢٠٢ – ٢١١) وفي كتابه الخاص بذلك (كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع)، ومع ذلك فاللهو المصحوب بالطبول والشبابات هو السمة الغالبة على هذه الزيارة، يقول الصبان: (منذ أن يتحرك الركب فهو يعيش عوائد وتقاليد وأغاني وأناشيد منها ما هو مستحسن، ومنها ما هو غير مستحسن)، ويقول: (عند الصباح الباكر يتوافد الجميع إلى الساحة الكبيرة، ويمشي الجميع أولاً لزيارة الأضرحة الموجودة في كل بلد كجزء من الزيارة، وتخرج العدة والخابة – أي الألعاب الشعبية – على اختلاف أنواعها يقوم بها أهل الحرف والعمال ويمشي المناصب والسادات والمشايخ قبل أهل العدة والخابة وتزغرد النساء).

ويقول: ويبيت الركب في فغمة أو يبحر وهي على أميال من شعب هود، وتكون هذه آخر مرحلة إلى الشعب وتكون فيها السمرات بالمغاني والأهازيج، وفي الصباح يرحل القوم، وعند دخولهم للجبل تكون الدخلات بالزوامل والخابات)، ويقول: (أما المناصبة فإنهم يعودون إلى الخدور في ظل خابات العمال والذين يترنمون بالأهازيج المناسبة)، ويقول: (تقام في ليالي الزيارة ألعاب شعبية، ورقصات الشبواني والخابة، فكل بلد تقوم بألعابها، وأمام بيت منصبها وحتى الليل)، وحتى الزيارة الأساسية التي تعتبر الركن الأعظم من أركان زيارة هود هي الأخرى تتميز عن غيرها بكثرة اللهو واللعب، ومظاهر الفخر والعظمة، ويقول الصبان: (تكون الوقفة يوم الحادي عشر بزيارة آل الشيخ أبو بكر بن سالم، وزيارة آل شهاب الدين ففي اليوم الحادي عشر تكتمل وفود الزائرين، ومن أدرك الوقفة فقد أدرك الزيارة، والوقفة يوم الحادي عشر من شعبان صباحاً، وشبهت وسميت بالوقوف كالوقوف بعرفات، فمن أدرك الوقوف بعرفات أدرك الحج ومن فاته الوقوف بعرفات فاته الحج وهكذا الزيارة.

ويدخل آل الشيخ أبو بكر بن سالم بالطيالة والأهازيج والطبول، ويجتمع الناس من كل الزوار، ويكون لزيارتهم ودخلتهم زجل عظيم، وتعتبر دخلتهم الدخلة العظمى وهي في مراسيمها لا تختلف عن الأطر المقيد بها نظام الزيارة كما ذكرنا، إنما بالطيالة والطبول والبيارق وكثرة الناس).

وهكذا منذ الانطلاق من البلدان المختلفة، والقوم في لهو ولعب، وحتى العودة إلى ديارهم، وبذلك تختم كما فتحت به، يقول الصبان: (وفي عصر يوم الثالث عشر تبدأ الدخلات بالألعاب الشعبية والخابة بأنواعها، وتردد " زرنا وقد رجعنا عسى القبول "، ويردد الجميع هذا الترجيع ويتقدم المناصب والحبائب والمشايخ، وتدق الطبول وتقام الرقصات الشرعية ويزغرد النساء، ويقام في تريم سباق أخير للإبل عند مدخل تريم، وعند علب المجف بتريم ينتهي التجمع الجماعي ويبتدئ إيصال المناصب إلى بيوتهم، كل منصب توصله خابّة حافته إلى بيته، والجميع إلى بيوتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>