للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثاني: القضاء على المظاهر التي تكون سببا في انتشار الشرك كالقباب والمساجد المبنية على القبور والأشجار والأحجار التي تعبد من دون الله]

لقد بين لنا فيما سبق في الآثار السيئة التي نشرها المتصوفة في العالم الإسلامي بأن الغلو في الصالحين وبناء القباب والمساجد على قبورهم كان من أهم الأسباب التي ساعدت على انتشار دعاء غير الله عز وجل وما دام ألأمر كذلك فلا يمكن أن يقف هذا الزحف الصوفي إلا إذا أزيلت هذه القباب والمساجد المبنية على القبور والتي أصبح الناس يتوجهون إليها من دون الله سبحانه وتعالى.

وليس هذا بشيء غريب فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أمر بهدم مسجد الضرار الذي بناه المنافقون من أجل التفريق بين المسلمين والإضرار بهم وكذلك كثير من الصحابة كانوا يحرصون على القضاء على كل شيء يخالفون منه الفتنة في الدين وكذلك كثير من العلماء الكبار أمر بهدم أشياء كانت سببا لفتنة الناس في عقائدهم بل منهم من هدمها بنفسه وهدم مسجد الضرار دليل قوي واضح على وجوب هدم ما هو أعظم منه فسادا مثل هذه المساجد المبنية على القبور والتي نراها منتشرة في عالمنا الإسلامي من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه ووسطه إلى ما شاء الله من البلاد التي أنعم الله عليها بدعوة التوحيد السلفية وذلك لأن حكم الإسلام في هذه المساجد والقباب المبنية على القبور هو أن تهدم كلها حتى تسوي بالأرض لأنها هي أولى بالهدم من مسجد الضرار الذي أمر الرسول بهدمه فهدم وكذلك القباب المبنية على القبور يجب هدمها لأنها أسست على معصية الله ورسوله وذلك كما علمنا سابقا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهي نهيا قاطعا عن البناء على القبور وأمر بتسوية ما بني منها عليه وذلك حتى يقضي على كل المظاهر التي تكون سببا في وقوع الأمة في الإشراك بالله تعالى. فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي الهياج الأسدي رضي الله عنه قال: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ((ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته)) (١).

فهذا الحديث دليل قاطع على وجوب إزالة كل الأشكال التي تكون سبب للوقوع في عبادة غير الله تعالى من التماثيل والمباني التي تشيد على القبور. وأخرج الإمام مسلم أيضا في صحيحه عن ثمامة بن شفي قال: ((كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم بروس فتوفي صاحب لنا فأمر فضالة بقبره فسوي ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها)) (٢).

وهذا الحديث دليل قاطع على وجوب تسوية القبور والتحذير من رفعها فما بالك بالبناء عليها المساجد والقباب طبعا هذا من باب أولى ممنوع شرعا وإذا كان كذلك فينبغي هدم ما بني عليه منها وذلك إزالة للفتنة.

ومن الأدلة على وجوب هدم كل شيء يخشى منه الفتنة هدم الرسول صلى الله عليه وسلم لمسجد الضرار والذي قال الله في كتابه وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [التوبة: ١٠٧] قال الشيخ الجزائري:


(١) رواه مسلم (٩٦٩)
(٢) رواه مسلم (٩٦٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>