للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث السادس: كرامات أم خرافات؟]

بجانب ما سقته عن الرفاعية من الكرامات التي تجعل لله شركاء في التصرف والقدرة وحيازة كلمة التكوين. فإني أذكر هنا نوعا آخر من الكرامات، وهي هذه المرة كرامات أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع.

ولأضرب مثالا على الحد الذي وصلت إليه هذه الكرامات أنقل ما أورده النبهاني عن أحد الأولياء أنه كان كثير التطور والتغير: فتارة تدخل عليه فتراه وحشا، وتارة تدخل فتجده فيلا، وتارة تدخل فتجده صبيا صغيرا. (١) ويذكر عن ولي آخر أنه: كان إذا أراد دخول الباب فوجده مقفلا: يدخل من شقوقه التي تعجز النملة عن دخولها. (٢)

وإيراد مثل هذه الحكايات على أنها كرامات هو استخفاف بالكرامة وهبوط بها إلى حد المهزلة، واستخفاف بعقول الناس، وتعريض لبعض الجهال منهم إلى فتنة إنكار الكرامة من أصلها لما يراه من أنواع الترهات المسماة بالكرامات. فيخرج بسببها عما اتفق عليه أهل السنة من ثبوت الكرامة. وبالمناسبة فإن استخدام لفظ «الترهات» في حق الصوفية إنما هو صوفي المنشأ وليس مني: فقد قيل للصوفي رويم: أوصني فقال: « .. ولا تشتغل بترهات الصوفية». (٣)

وللرفاعية كرامات قريبة من هذا النوع الذي ذكره النبهاني منها: أن الشيخ الرفاعي سجد مرة فبقي ساجدا سنة كاملة لم يرفع رأسه أبدا حتى نبت العشب على ظهره. (٤) ويتساءل المرء: أين أداء الصلوات المفروضة خلال فترة السنة هذه من جمعة وجماعة؟ بل حكى عنه أتباعه أنه حدث أن النبي صلى الله عليه وسلم مر برجل ساجد على صخرة منذ ثلاثمائة سنة. (٥) وذكروا أن الشيخ رجب الرفاعي كان كثيراً ما يتواجد في حلقة الذكر فيقطر من عرقه العطر النفيس الخالص كما يقطر المطر. (٦) وأن الشيخ منصور - خال الشيخ الرفاعي - كان إذا فتح فمه يخرج منه عمود من نور يخرق السموات السبع. (٧) قال الصيادي: «(أبو الفتح الواسطي) من أكابر أحمد الرفاعي. كان يقول: اسمعوا هذا الكلام الذي له خمسة آلاف سنة ما تكلم به أحد غيري. (٨)


(١) ((جامع كرامات الأولياء)) ١) / ٤٠٤).
(٢) ((جامع كرامات الأولياء)) (٢/ ١٨٠).
(٣) ((روضة الناظرين)) (ص ١٣).
(٤) ((قلادة الجواهر)) (ص ٣٤٠)، ((خزانة الإمداد)) (ص ٣٦).
(٥) ((حالة أهل الحقيقة مع الله)) (ص ١٠٧).
(٦) ((تنوير الأبصار)) (ص ١١٩)، ((خزانة الإمداد)) (ص ١٥٩).
(٧) ((قلادة الجواهر)) (ص ٤٤).
(٨) ((قلادة الجواهر)) (ص ٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>