للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الرابع: سعيد حوى والرفاعية]

ولقد اغتر الأستاذ سعيد حوى رحمه الله بما يفعله الرفاعية من كونهم يدخلون النار ولا تؤثر فيهم، ويضربون أنفسهم بالرصاص أو بالسيوف ولا يؤثر ذلك فيهم، معتبرا أن هذا من أعظم فضل الله على هذه الأمة، مع أنه اعترف في نفس الوقت أن مثل هذا قد يجري على يد بعض الفساق. قال:

«إن الحجة الرئيسية للمنكرين أن هذه الخوارق تظهر على يد فساق من هؤلاء كما تظهر على يد صالحين». أجاب: «هذا صحيح، والتعليل هو:

١ - أن الكرامة ليست لهؤلاء بل هي للشيخ الأول الذي أكرمه الله عز وجل بهذه الكرامة وجعلها مستمرة في أتباعه.٢ - أن هذا قد يكون استدراجا في حق بعض أتباعه الفساق (١).

الجواب:

١ - أما قوله: «أن حجة المنكرين الرئيسية كون هذه الخوارق تظهر على يد الفساق من أتباع الطريقة» أن هذه الحجة ليست هي الرئيسية كما ذكر.

وإنما السبب الرئيسي في الإنكار: كون هذه الخوارق تظهر على غير المسلمين كالبوذيين والهندوس مما يؤكد أن هذه الخوارق ليست في حقيقتها كرامات وإنما خدع شيطانية قد تنطلي على فاعليها أيضاً حيث يظنون أنها كرامات وهي في الحقيقة خداعات. ولولا ذلك لقلنا بأن ما يفعله أولئك البوذيون والهندوس كرامات أيضاً.

٢ - أنه إذا كان الرفاعية يضربون أنفسهم بالرصاص ولا يؤثر فيهم ويدخلون الشيش في بطونهم ويخرجونه من ظهورهم: فإنه يصير من الواجب عليهم والحالة هذه أن يستعملوا هذه الكرامات لصالح المسلمين فيتحتم عليهم إخراج الأمة من هذا الذل والهوان وتسلط الأعداء على بلاد المسلمين إذ ماذا ينفع المسلمين أن يقف هؤلاء وسط المحتشدين من عامة الناس ويفعلون هذه الخوارق بينما كان الأولى بهم - إذا كان عندهم شيء من الكرامات - أن يذهبوا وكراماتهم إلى ساحات الجهاد ليريحوا المسلمين من تسلط الكفار والباطنية على بلاد المسلمين. ٣ - لعل الأستاذ سعيد رحمه الله غفل عما يقوله هؤلاء عند إدخال الشيش والضرب بالنار من كلمات الشرك التي يتعلمونها من مشايخهم مثل أن يقسموا بالرفاعي من دون الله ليحقق لهم هذه الخوارق وينادونه باسمه. وهذا ما صرح به الصيادي وغيره من الرفاعية حيث قال بأن الرفاعي (٢):

له مدد قد أطفأ النار نوره ... وعزم به ما السيف أن سل باتر

يذل الأفاعي حين يذكر اسمه ... وتخضع أسد الغاب وهي كواشر

ناده واهجم على ليث الثرى ... تلقه في غابه كالثعبان

ناده وأقبل على الأفعى تقف ... وتناولها تجدها غصن بان

٤ - إن للكرامة سببا مهما وعظيما، ألا وهو نصر الدين ورفعته، وتأييد المؤمنين في حربهم ضد الكفار والمشركين، وماذا تنفع الكرامة إن كان أهلها أعزة في ساحات الاستعراضات أذلة: مستضعفين عاجزين عن مقاومة أعدائهم في ساحات الجهاد؟! إن الصوفية يكثرون من التحدث عن صنوف الكرامات، ولا يتدبرون السبب الذي من أجله يعطي الله هذه الكرامات، ذلك أن كرامات الأولياء إنما هي امتداد لمعجزات الأنبياء التي أيدهم الله بها لإقامة دينه وإخضاع أعداء المسلمين.

٥ - أن الأستاذ سعيد وغيره يدركون تماما أن هذه الخوارق لا تحصل عند تلاوة القرآن، وإنما تحصل عند استعمال الآلات الموسيقية كالطبل والدف والمزامير وغيرها، فهذا دليل آخر على أن حالهم شيطاني وليس إيماني.

٦ - أن بعض من شهدهم حدثني أنهم كانوا يشترطون عليهم ألا يقرأوا قرآنا ولا يتكلموا بشيء البتة. وقد طلبوا من أحد إخواننا أن ينصرف عنهم حيث كان يتمتم بالذكر وقراءة القرآن مما أدى إلى جرحهم لدى إدخالهم الشيش حتى قالوا: إن بين الحاضرين رجل روحه شريرة فلينصرف عنا

وحكى لي أحد الثقات من أهالي عكار أنهم أدخلوا الشيش في ولد أحد أقاربه فأصيب الولد بجرح عميق وأسرعوا به إلى المستشفى، وأقسم والده أنه إن مات سيقتلهم واحداً واحداً لكن الولد لم يمت.

وقد طلب أحد مشايخ التصوف في بيروت من مريده أن يجلس على الموقدة وينادي باسم الشيخ غير أن مقعدته احترقت وأخزى الله الكذب وأهله.

وقد زعم أمامي واحد من أهل الطريقة الرفاعية أن من إكرام الله لهم حاصل في كونهم يأكلون الزجاج أمام الكفار وأنهم عاينوا الزجاج في بطنه وتأكدوا من صحة ذلك وأدى ببعضهم إلى الإسلام. فقلت: هذا من جهل أولئك بحقيقة الأمر، فإنهم لو علموا أن هذا يحدث للوثنيين والبوذيين لربما ارتدوا على أعقابهم.

المصدر:الطريقة الرفاعية لعبد الرحمن دمشقية - ص٩٦ - ١٠٥


(١) ((تربيتنا الروحية)) (٢١٧ – ٢١٨).
(٢) ((قلادة الجواهر)) (ص ٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>