للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثالث: مشائخهم فعالون لما يريدون!! هكذا أثبتوا صفات مشايخهم فقال صاحب (الرشحات): «كما أن معارضة القرآن غير ممكنة فكذلك معارضة الأولياء أصحاب الهمة (١) فإن همة العارف فعالة لا يتخلف المراد عنها فمن عارض تلك الهمة يصير مغلوبا البتة. وضرب لذلك مثالا، فحكى أن سعد الدين الكاشغري وغيره كانوا يمتحنون قوة همتهم فيذهبون إلى أمكنة المتصارعين فيتوجهون بهمتهم إلى أحد المتصارعين وهو ضعيف فيتغلب على خصمه وإن كان أقوى منه. وأن قوتهم لا يقف في وجهها ولا حتى مائة ألف رجل فإن في أكابر سلسلتهم تصرفات يحصل كلما يريده خواطرهم. والعجيب قوله أن مثل هذه الهمة تحصل حتى للكافر إذا توجه بخاطره إلى أمر وصرف همته إليه يحصل له ذلك الأمر وليس الإيمان والعمل الصالح شرطا فيه (٢).ولمزيد تخويف العامة من الاعتراض فقد حكوا أن أحد أولياء النقشبنديين اعترض عليه رجل فعاقبه هذا الولي بمرض الإسهال. فصار يقعد بين النجاسات والقاذورات ويضعها في أنفه ويقول: نعم الشيء المسهل ويعمل من نجاسته دمى يلعب بها ثم تقطعت أمعاؤه ومات بسبب شدة مرض الإسهال الذي أصابه به الولي (٣).وكلام الصوفية عن الخوارق لا يمت إلى الواقع بصلة فإن التاريخ لا يثبت لواحد منهم شيئًا من هذه القوة الخارقة المزعومة بالرغم من المغالطات العجيبة في كتبهم فقد زعموا أن فتح السلطان محمد الفاتح للقسطنطينية إنما تحقق حين طلب السلطان المدد من عبيد الله أحرار النقشبندي فظهر له الشيخ راكبا على فرس أبيض وقال له: لا تخف. فقال له السلطان: كيف لا أخاف وعسكر الكفار كثير؟ قال السلطان: فأراني الشيخ في كمه فإذا فيه عساكر لا تحصى. وقال له: جئتك بهذه العساكر لإعانتك» (٤).

فأبشروا يا مسلمين، هناك جنود مجندة في أكمام مشايخ الطريقة.

ولكن؛ لماذا يخبئونهم في أكمامهم؟ وفلسطين لا تزال تحت الاحتلال.

متى سمع المسلمون المغترون بترهات التصوف أن الطريقة الصوفية استردت أرضا مسلوبة؟

إن التاريخ لا يذكر للصوفية شيئًا من هذه الحكايات الغريبة. فأين كانوا يوم دخل التتار ويوم دخل الصليبيون؟ وأين هم اليوم واليهود والنصارى في الشرق والغرب يحتلون بلاد المسلمين؟ إنها دعاوى لا تعدو أوراق وكتب الصوفية الصفراء. إن الذين امتلأت كتبهم بالروايات الموضوعة والمكذوبة لم تخل من باب أولى من القصص والحكايات المكذوبة أيضا. وذكروا أيضا أن الشيخ منصور البطائحي ـ خال الشيخ الرفاعي ـ حضر معركة بين جيش العراق وجيش العجم لم تقع بعد. فصفق بيده فتصادم الجيشان، ثم قبض اليد اليسرى وقال: هذه لجيش العجم. فظهر جيش العجم على جيش العراق. فلما بسطها ظهر الجيش العراقي وهزم الجيش العجمي هزيمة ساحقة (٥).


(١) الهمة اصطلاح صوفي يعني: القوة الخارقة الباطنة التي يستطيع بها الولي نصر جيش على آخر.
(٢) ((رشحات عين الحياة)) (٢١٦ - ٢١٧) وانظر (٢٢٠ - ٢٢١).
(٣) ((رشحات عين الحياة)) (٢٢٨ - ٢٢٩).
(٤) ((رشحات عين الحياة)) (٢٢٩).
(٥) ((روضة الناظرين)) للوتري (٢١) ((جامع كرامات الأولياء)) للنبهاني (٢/ ٢٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>