للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثالث: الاستمداد من الرسول صلى الله عليه وسلم]

تبعا لهذا التصور لذات الرسول صلى الله عليه وسلم، توجه الميرغنيه بدعواتهم واستغاثاتهم وشكاواهم إليه، سائلينه أن يفك ضيقهم وينصرهم على عدوهم مخاطبين إياه بأنه مزيل للغم والكرب، ومفرج للهم والضيق، وتكاد لا تخلو قصيدة من قصائد مدحهم للرسول صلى الله عليه وسلم من معنى من هذه المعاني أو منها جميعها، فأشعارهم جميعها تتضح بهذه المعاني التي تجعل الرسول ملجأ السائلين، وقبلة المحتاجين، يتوجهون إليه بالدعاء ويتوسلون إليه بالإعانة. ولعل في النماذج التالية ما يكشف عن هذه الحقيقة في عقائد الختمية ومبادئهم:

يقول "الميرغني الختم" في النفحات المدنية مخاطبا الرسول صلى الله عليه وسلم:

كر صلى الله عليك يا نبي

ما مزيل الغم والكربى

كل هم أنت تفرجه

إن وفاء للعجم والعربي

فأغث يا خير غوث بدا

وأجل كربا عم من حقبى

وأرحنا من عنا سيدي

من عنا الدنيا والأخرى نبي (١)

ويقول أيضا في (النور البراق) مخاطبا الرسول صلى الله عليه وسلم:

إليك التجائي حين تذهل الورى

وفي دار دنيا وفي يوم محشرا

فإنك ملجأ للأنام تحفظ ... وقول أبا عثمان ابني لك الهنا

بما رمته لا تختشي قط بطشنا

غفرنا لزلات دنوناك نحونا

تمتع بنا في أخرة وكذا الدنا (٢)

ويقول في قصيدة أخرى من نفس الديوان مخاطبا الرسول بأنه عليه الاعتماد في الدنيا والآخرة وعند الموت، ويرجو من الرسول أن يحضر وفاته وأن يجهزه بعد موته وينزله في القبر ويحضر معه سؤال الملكين وأن يكون أنيسه في القبر وشفيعه في يوم الحشر (٣).

وتتردد هذه المعاني أيضا في أشعار هاشم بن الميرغني (الختم). ومن بين هذه الأشعار قوله مخاطبا الرسول صلى الله عليه وسلم:

رسول الله زيل الخطب عني

فصب معسر قد زاد عسري

رسول الله أشكو الحال حقا

إليك ومن يغيث سواك ضري

رسول الله امح ثم محص

ذنوبا ثم آثامي ووزري

وأوهبني رضاك وقل محبي

وابني هاشم لا تخش ضري (٤)

ويصف الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله:

وإنه المرتجى في كل نائبة

وكل صرف وإيجال ومنعسر

فجد علي بما يغني ويسعدني

واسقني منك فيض الكأس منهمر (٥)

ويقول في قصيدة أخرى عن الرسول:

مغيث من استغاث به كلمح

مفرج لوعة العبد الشجي

رجوتك يا نبي الله سرعا

تطهرني من الدنس الخسي

وتسعدني وتقضي ذي منائي

تدمر كل ذي طاغ بغي

فإنك عالم يا غوث ما بي

ومضموني وجهري والخفي

رحيم سيد بر وصول

سراج أنور نور مضي (٦)

وتتردد أيضا هذه المعاني في أشعار جعفر الميرغني ومدائحه فهو أيضا يستغيث بالرسول صلى الله عليه وسلم ويسأله أن يعدل من أحواله وأن يهب له قربا ووصلا ويصفه بأنه مغيث المكروبين وهادي الضالين: فلنستمع إليه:

فديتك يا رسول الله أغثني

فجاهك يمنع الأسواء منعا

أجرني من عدو رام قتلي

يحاول مهجتي ختلا وخدعا

ونفس تأمر الإنسان سوءا

ومعصية بشؤم الذنب تدعى

وحول حالتي لطريق هدي

وضع عن ظهري الأوزار وضعا

وكن لي واقيا في يوم حشر


(١) ((ديوان النفحات المدنية في المدائح المصطفوية))، محمد عثمان الميرغني ملحق ((بالنور البراق))، (ص ٣٥).
(٢) ((النور البراق في مدح النبي المصداق)) محمد عثمان الميرغني، مكتبة القاهرة (ص ٢٩).
(٣) ((النور البراق في مدح النبي المصداق))، (ص ٢٧).
(٤) ((ديوان شفاء القلوب والغرام في مدح من أضحى للأنبياء ختام))، هاشم بن الختم محمد عثمان الميرغني. مصطفى الحلبي، مصر (١٣٥٥/ ١٩٣٦)، (ص ٢٥).
(٥) ((ديوان شفاء القلوب والغرام في مدح من أضحى للأنبياء ختام))، (ص ٤٥).
(٦) ((ديوان شفاء القلوب والغرام في مدح من أضحى للأنبياء ختام))، (ص ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>