للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الرابع: المغالاة في الرسول وأئمتهم والصالحين]

الفرع الأول: المغالاة في رسول الله

أولا: اعتقاد أن نوره أول المخلوقات وخلق من أجله الأفلاكمشايخ الديوبندية يضاهئون قول البريلوية والقبورية، ويقولون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلق من نور الله سبحانه وتعالى وأنه أول الخلق، مستدلين على ذلك بروايات موضوعة، فقد أورد الشيخ أشرف على التانوي في كتابه حديثاً موضوعاً عن جابر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي أنت وأمي أخبرني عن أول شيء خلقه الله تعالى قبل الأشياء قال: ((يا جابر إن الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله تعالى، وليس في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جن ولا إنس، فلما أراد الله أن يخلق الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء، فخلق من الجزء الأول القلم، ومن الثاني اللوح، ومن الثالث العرش، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء فخلق من الجزء الأول حملة العرش ومن الثاني الكرسي ومن الثالث باقي الملائكة، ثم قسم الجزء الرابع إلى أربعة أجزاء، فخلق من الأول السموات ومن الثاني الأرضين والثالث الجنة والنار)) (١).

ثم قال الشيخ التانوي بعد ذكره لهذا الحديث الموضوع:

"ثبت بهذا الحديث أن النور المحمدي هو أول الخلق مطلقاً، وتحققت له الأولية الحقيقية".

ثم ذكر الشيخ التانوي رواية أخرى، ولعلها أوهى من الأولى، ونصها:"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لما أذنب آدم الذنب الذي أذنبه رفع رأسه إلى السماء فقال: أسألك بحق محمد إلا غفرت لي، فأوحى الله إليه ومن محمد، فقال: تبارك اسمك، لما خلقتني رفعت رأسي إلى عرشك إذا فيه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنه ليس أحد أعظم عندك قدراً ممن جعلت اسمه مع اسمك، فأوحى الله إليه يا آدم إنه آخر النبيين من ذريتك، ولولا هو ما خلقتك)) (٢).

وقال الشيخ حسين أحمد المدني في كتابه:

"إن الوهابية يسيئون الأدب بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون ليس له علينا إلا فضيلة قليلة وليس له علينا حق ولا إحسان ولا يفيدنا شيئاً بعد موته، وتقول أكابر الوهابية: إن عصاي هذا أنفع لنا منه صلى الله عليه وسلم أذود بها الكلاب، والنبي صلى الله عليه وسلم لا ينفع شيئا".


(١) أورده العجلوني في ((كشف الخفاء)) (٨٢٧) وعزاه إلى ((مصنف عبد الرزاق)) وليس الحديث في المصنف وزعم بعضهم أنه في القطعة المفقودة من المصنف وأنه وجدها وتبين كذبه وافتراؤه بما ليس هنا موضع بيانه، وعزاه أيضا اللكنوي في كتابه ((الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة)) (١/ ٤٢) للمصنف أيضا وذكر أيضا أن الحديث ذكره القسطلاني في ((المواهب اللدنية))، وقال السيوطي في ((الحاوي في الفتاوي)) (١ - ٤٧٩) " ليس له إسناد يعتمد عليه"
(٢) رواه الحاكم (٢/ ٦٧٢) والطبراني في ((الأوسط)) (٦٥٠٢) و ((الصغير)) (٩٩٢)، والبيهقي في ((الدلائل)) (٥/ ٤٨٩) وابن عساكر (٧/ ٤٣٧) قال الحاكم صحيح الإسناد وتعقبه الذهبي فقال بل موضوع، وقال البيهقي: تفرد به عبد الرحمن بن أسلم من هذا الوجه عنه وهو ضعيف. قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٨/ ٢٥٦): فيه من لم أعرفهم. وقال ابن حجر في ((إتحاف المهرة)) (١٢/ ٩٧): عبد الرحمن متفق على تضعيفه. وقال الألباني في ((السلسلة الضعيفة)) (١٢): موضوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>