للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تمهيد]

التأويل الباطني أصل من أصول الإسماعيلية. يقول الإمام الغزالي: إنهم لقبوا بذلك لأنهم يدعون أن لظواهر القرآن والأخبار بواطن تجري في الظواهر مجرى اللب من القشر وأنها بصورها توهم عند الجهال الأغبياء صورا جلية وهي عند العقلاء والأذكياء صور وإشارات إلى حقائق معينة وأن من تقاعد عقله عن الغوص على الخفايا والأسرار والبواطن والأغوار وقنع بظواهرها مسارعا إلى الاغترار كان تحت الآصار والأغلال معنى الأوزار والأثقال. (١).ويتفق ابن الجوزي مع الغزالي في سبب التسمية حتى أنه ليخيل للقارئ أن الأول نقل من الثاني وذلك للتشابه بينهما في العبارات والمدلولات (٢).أما الشهرستاني فيقول: إنه لزمهم لقب الباطنية لحكمهم بأن لكل ظاهر باطنا ولكل تنزيل تأويلا (٣).ويقول يحيى العلوي: إنهم لقبوا بالباطنية لدعواهم أن لظواهر القرآن والأخبار بواطن تجري في الظواهر مجرى اللب من القشر واعتقدوا أنه من ارتقى إلى علم الباطن انحط عنه التكليف واستراح منه وأن الجهال هم المنكرون للباطن (٤).ويشارك الديلمي من سبقه من العلماء في سبب التسيمة فيقول: إنهم لقبوا بالباطنية لأنهم ينسبون لكل ظاهر باطنا ويقولون إن الظاهر بمنزلة القشور والباطن بمنزلة اللب المطلوب (٥).ويقول صاحب الفرق الإسلامية: إنهم لقبوا بالباطنية لقولهم بباطن الكتاب دون ظاهره فقالوا: إن للقرآن باطنا وظاهرا والمراد منه باطنه دون ظاهره ونسبة الباطن إلى الظاهر كنسبة اللب إلى القشر والمتمسك بظاهره معذب بالمشقة بالاكتساب وباطنه مؤد ترك العمل بظاهره (٦). وينفرد ابن خلدون عمن سبق ذكرهم من العلماء حول سبب تسميتهم بالباطنية حيث يقول: إن تسميتهم بذلك لقولهم بإمامة إسماعيل بن جعفر الصادق وأنه الإمام الباطني أي المستور (٧).

وما ذكره ابن خلدون لا يخرج في حقيقة الأمر مع ما أجمع عليه علماء الفرق لأن باطنية الإسماعيلية تعم كل شيء في حياتهم من نصوص شرعية ومعتقدات وأعمال وبالطبع يدخل في ذلك القول بباطنية أئمتهم وأنهم مستورون عن عامة الناس.

المصدر:أصول الإسماعيلية لسليمان بن عبد الله السلومي – ٢/ ٤٧٣


(١) ((فضائح الباطنية)) للغزالي (ص: ١١ - ١٢).
(٢) تلبيس إبليس)) لابن الجوزي (ص: ١٠٢).
(٣) ((الملل والنحل)) للشهرستاني (١/ ١٩٢).
(٤) ((الإفحام لأفئدة الباطنية الطغام)) للعلوي (ص: ٢٢).
(٥) ((بيان مذهب الباطنية وبطلانه)) للدليمي (ص: ٢١).
(٦) ((مخطوطة الفرق الإسلامية)) لمؤلف مجهول (ص: ٦٨).
(٧) ((مقدمة ابن خلدون)) (ص: ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>