للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثاني: نماذج من تأويل الإسماعيلية للآيات القرآنية أكثر الإسماعيلية من تأويل الآيات تأويلا باطنيا حتى أن لهم كتب خاصة مستقلة لتأويل الآيات القرآنية وذلك ككتاب (الكشف) للداعية الإسماعيلية جعفر بن منصور اليمن ومما أول به التسمية أنه قال: إن (بسم الله) سبعة أحرف يتفرغ منها اثنا عشر ويتلوها اثنا عشر حرفا (الرحمن الرحيم) والسورة الحمد وهي سبع آيات فالسبع التي هي (بسم الله) تدل على النطقاء السبعة ويتفرع منها اثنا عشر تدل على أن الكل ناطق اثنى عشر نقيبا ثم الاثناء عشر التي هي (الرحمن الرحيم) يتفرع منها تسعة عشر فدل ذلك على أن النطقاء يتفرع منهم بعد كل ناطق سبعة أئمة واثنا عشر حجة فذلك تسعة عشر والسبع آيات هي سورة الحمد أمثال لمراتب الدين السبع فسورة الحمد يستفتح بها كتاب الله كذلك مراتب الدين يستفتح بها أبواب علم دين الله (١).وعن الحروف في أوائل السور قالوا في تأويل قوله تعالى آلم في سورة البقرة أن الألف فيها تدل على الناطق واللام على الوصي والميم على الإمام المتم وبهذا الأسلوب أولوا جميع الحروف المقطعة في أوائل السور (٢).

وفي تأويل آية الكرسي قال أحد دعاة الإسماعيلية: إن حروف المعجم لما كانت محدثة لم تدل إلا على محدث مثلها وإنما يضطرنا العجز إلى أن نكني (كذا) عنه بما يستحقه أسماؤه العليا لعدمنا ما نصفه به فكان المكنى عنه – حقيقة – بالحي القيوم وسائر النعوت المذكورة في الآية هو أول مبدع أبدعه الله تعالى وهو اسمه الأعظم وقوله لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ [البقرة: ٢٥٥]، هو تنزيه له تعالى عما يعتري أبناء الطبيعة من السنة التي هي الغفلة والنوم وقوله تعالى لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ [البقرة: ٢٥٥]، هو إخبار أن من لا تجاسره الخواطر ملكه لما خصه به وأنعم عليه من المدة الأزلية التي كانت جزاء عن تنزيهه لمبدعه عن جميع ما في العوالم الروحاني والطبيعي والديني وما احتوت عليه سمواتهم وأرضهم والسموات الطبيعية هي الأفلاك والأرض هي المركز في عالم الكون والفساد والسموات في العالم الروحاني والديني هم المفيدون والأرض هم المستفيدون فكل واحد منهم سماء لتأليه وأرض لعاليه والمبدع الأول تعالى مبدعه مالك للجميع ممد للكل وبأمره الساري إليهم قاموا وبمادته الأزلية المتصل بهم داموا واستقاموا.

وقوله تعالى: مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ [البقرة: ٢٥٥]، معناه أنه لا يقدر على الشفاعة ويقبل منه إلا من قام في مرتبة من مراتب العالمين الروحاني والديني بإذنه وأفاد وهدى بأمره بوساطة من سبق عليه الحدود.

وقوله تعالى: وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء [البقرة: ٢٥٥]، إخبار منه سبحانه أن أحدا من هذه العوالم لا يحيط بعلم إلا بما أفاضه عليه وشاء أن يهديه إليه.


(١) ((كتاب الرشد والهداية)) لابن حوشب (ص: ١٩٠).
(٢) انظر ((نماذج كثيرة نقلها الشيخ إحسان إلهي عن كتبهم في كتابه ((الإسماعيلية تاريخ وعقائد)) (ص ٥٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>