للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثالث: تأويل الإسماعيلية للتكاليف الشرعية نظرا لأصالة التأويل الباطني عند الإسماعيلية فإنه يسري في جميع أمورهم الاعتقادية أما العبادات العلمية عند المسلمين كالصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد فقد أولوها كذلك تأويلا باطنيا وحسيا في ذلك موسوعتهم الباطنية (تأويل دعائم الإسلام) لقاضي الإسماعيلية ابن حيون حيث أول جميع شرائع الإسلام من منطلق الظاهر والباطن فهو يقول عن الصلاة إن مثلها مثل الدعوة والمؤذن الذي ينادي للصلاة هو الداعي الذي يدعو إلى باطن الدعوة فظاهر الصلاة إتمام ركوعها وسجودها وفروضها ومسنونها وباطنها إقامة دعوة الحق في كل عصر ويقول إن من مثل الصلوات الخمس في عددها مثل الدعوات الخمس لأولي العزم من الرسل الذين صبروا على ما أمروا به ودعوا إليه فكل صلاة منها مثل لدعوة كل واحد من أولي العزم الخمسة فصلاة الظهر مثل لدعوة نوح والعصر مثل لدعوة إبراهيم والمغرب مثل لدعوة موسى والعشاء الآخرة مثل لدعوة عيسى والفجر وهي الصلاة الخامسة مثل للدعوة الخامسة وهي دعوة خامس أولي العزم من الرسل محمدا صلى الله عليه وسلم (١). وعن تأويل الزكاة يقول إن المراد منها في الظاهر إخراج ما يجب على الأغنياء في أموالهم ودفع ذلك إلى أئمة الذين تعبد الله عز وجل الناس بدفع ذلك إليهم وأما في الباطن فمثلها مثل الأسس والحجج الذين يطهرون الناس ويصلحون أحوالهم وينقلونهم في درجات الفضل بما يوجبه أعمالهم فيكون على هذا قوله لا صلاة إلا بزكاة يعني أنه لا تقوم الدعوة إلا بمعرفة الأسس الذين هم أوصياء النبيين والحجج الذين هم أوصياء الأئمة وحينما تحدث عن وضع الزكاة في غير موضعها قال وتأويل ذلك في الباطن إن طهارة أهل كل عصر وزمان إنما يكون عند إمام زمانهم أو عند من أقامهم ونصبهم لطهارتهم فما كان من أعمالهم التي توجب الطهارة لهم لم يجزهم دفعها إلا إلى من يلي طهارتهم وتزكيتهم (٢).


(١) ((تأويل الدعائم)) لابن حيون الإسماعيلي (١/ ١٧٧ – ١٧٩).
(٢) ((تأويل الدعائم)) لابن حيون الإسماعيلي (٣/ ٥٨ – ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>