للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: تأويل القيامة وما بعدها]

إن المتتبع لكتب الإسماعيلية وتأويلها مراحل الإنسان من قيامته حتى بعثه وحشره ثم حسابه وجزاءه بالجنة أو النار يجد مفاهيم عجيبة غريبة عن هذه المراحل وكلها تنبع من حقيقة واحدة لديهم هي الإنكار الكامل والمخالفة التامة لما أجمعت عليه الأمة الإسلامية من معنى القيامة وهي بعث الأموات من قبورهم وقيامهم مرة أخرى لحياة يثاب فيها المحسن ويعاقب المسيء وفيما يلي تفصيل هذه المراحل وبيان معناها ومدلولها عند الإسماعيلية وتوثيق ذلك بأقوالهم ونصوصهم.

الموت:

يؤول الإسماعيلية الموت بأنه مفارقة الروح للجسم ورجوع كل شيء إلى جنسه فالروح تصعد إلى العوالم الروحانية وتسبح في تلك العوالم فإن كانت صالحة مؤمنة انضمت إلى العقول الإبداعية وإن كانت غير ذلك رجعت إلى العوالم السفلية وأصبحت تظهر في النفوس الشريرة من الجن والشياطين والهوام وغيرها. أما الجسد فإنه يعود إلى أصله وعنصره التراب ويؤول كل عنصر منه إلى أصله وما يجانسه (١).ويعرف الحامدي الموت بأنه النقلة إلى حده ومصير الإنسان بتلك النقلة إلى عالم ثان غير الأول (٢).

الحياة البرزخية:

وهذه المرحلة تشمل القبر ونعيمه أو عذابه. فعرف الإسماعيلية القبر بأنه الصورة الجسمانية والهياكل الجرامانية وعذاب القبر هو تأثر النفس بسبب ما يظهر عليها من الصور الهيولانية المخالفة للطباع وذلك على سبيل التغير (٣).

وقالوا: إن البرزخ على ضربين محمود ومذموم فالأول ما يصل إليه المؤمنون بعد نقلهم من المراتب ويكونون فيها إلى أوان البعث الكلي الذي هو ظهور القائم. وأما الثاني فهو ما يصير إليه أضداد الحق وسائر العصاة بعد موته من برازخ الهبوط وقناطر العذاب كل منهم بقدر استحقاقه موقوفون إلى أوان البعث (٤).

وقالوا عن حقيقة الملكين اللذين يأتيان الميت في قبره أن المراد منهما ناطق كل دور ووصيه فهما الملكان المشار إليهما في عصرهما بمبشر وبشير لأوليائه ومنكر ونكير لأضداده وعلى هذا القول ينطوي الأمر في كل وقت وزمان.

المصدر:أصول الإسماعيلية لسليمان بن عبد الله السلومي – ٢/ ٦١٥


(١) انظر ((طائفة الإسماعيلية)) لمحمد كامل حسين (ص: ١٧١ – ١٧٢).
(٢) ((رسالة زهر بذر الحقائق)) للحامدي (ص: ١٧٧) من منتخبات إسماعيلية.
(٣) رسالة الدستور للداعي الإسماعيلي شمس الدين الطيبي (ص: ٩٣) ضمن أربع رسائل إسماعيلية جمع عارف تامر.
(٤) أربعة كتب إسماعيلية جمع شتروطمان (ص: ١٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>