للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثالث: معتقدهم في الإمامة وقد اتفقوا على أنه لا بد في كل عصر من إمام معصوم قائم بالحق يرجع إليه في تأويل الظواهر وحل الإشكالات في القرآن والأخبار والمعقولات واتفقوا على أنه المتصدي لهذا الأمر وأن ذلك جار في نسبهم لا ينقطع أبد الدهر ولا يجوز أن ينقطع إذ يكون فيه إهمال الحق وتغطيته على الخلق وإبطال قوله عليه السلام ((كل سبب ونسب ينقطع إلا سببي ونسبي)) (١) وقوله ((ألم أترك فيكم القرآن وعترتي)) (٢) واتفقوا على أن الإمام يساوي النبي في العصمة والاطلاع على حقائق الحق في كل الأمور إلا أنه لا ينزل إليه الوحي وإنما يتلقى ذلك من النبي فإنه خليفته وبإزاء منزلته ولا يتصور في زمان واحد إمامان كما لا يتصور نبيان تختلف شريعتهما نعم يستظهر الإمام بالحجج والمأذونين والأجنحة والحجج هم الدعاة فقالوا لا بد للإمام في كل وقت من اثني عشر حجة ينتدبون في الأقطار متفرقين في الأمصار وليلازم أربعة من جملة الاثنى عشر حضرته فلا يفارقونه ولا بد لكل حجة من معاونين له على أمره فإنه لا ينفرد بالدعوة بنفسه واسم المعاون المأذون عندهم ولا بد للدعاة من رسل إلى الإمام يرفعون إليه الأحوال ويصدرون عنه إليهم واسم الرسول الجناح, ولا بد للداعي من أن يكون بالغا في العلم والمأذون وإن كان دونه فلا بأس بعد أن يكون عالما على الجملة وكذلك الجناح, ثم إنهم قالوا كل نبي لشريعته مدة فإذا انصرمت مدته بعث الله نبيا آخر ينسخ شريعته ومدة شريعة كل نبي سبعة أعمار وهو سبعة قرون فأولهم هو النبي الناطق ومعنى الناطق أن شريعته ناسخة لما قبله, ومعنى الصامت أن يكون قائما على ما أسسه غيره ثم إنه يقوم بعد وفاته ستة أئمة إمام بعد إمام فإذا انقضت أعمارهم ابتعث الله نبيا أخر ينسخ الشريعة المتقدمة وزعموا أن أمر آدم جرى على هذا المثال وهو أول نبي ابتعثه الله في فتح باب الجسمانيات وحسم دور الروحانيات, ولكل نبي سوس والسوس هو الباب إلى علم النبي في حياته والوصي بعد وفاته والإمام لمن هو في زمانه كما قال عليه السلام ((أنا مدينة العلم وعلي بابها)) (٣)


(١) رواه الطبراني (٢٦٣٤) والبيهقي (٧/ ٦٤) وعبدالرزاق (١٠٣٥٤) بلفظ (منقطع يوم القيامة) قال الهيثمي في ((المجمع)) (٤/ ٢٧٢) رجاله رجال الصحيح، وقال الذهبي في ((المهذب)) (٥/ ٢٦٣٢) إسناده صالح وقال ابن كثير في ((مسند الفاروق)) (١/ ٣٩٠) إسناده حسن وصححه الألباني في ((الصحيحة)) (٢٠٣٦)
(٢) بهذا اللفظ غير وارد، وله ألفاظ أخرى كثيرة رواها الترمذي (٣٧٨٦) والنسائي في ((الكبرى)) (٥/ ٤٥) وأحمد (٣/ ١٤) (١١١١٩) وأبو يعلى (١٠٢١) والطبراني (٢٦٧٩) وغيرهم، قال الهيثمي في ((المجمع)) (٩/ ١٦٣) رواه أحمد وإسناده جيد، وقال البوصيري في ((الإتحاف)) (٦/ ١٠٩) رواه الطبراني بإسناد جيد، وصححه الألباني
(٣) رواه الحاكم (٤٦٣٧) والطبراني (١١٠٨٣) والعقيقلي في ((الضعفاء)) (٥/ ٤٥٧) قال الهيثمي في ((المجمع)) (٩/ ١١٤) فيه عبد السلام بن صالح الهروي وهو ضعيف، وقال الحاكم إسناده صحيح، وقال الذهبي بل موضوع، وقال العقيلي لا يصح في هذا المتن حديث، وقال القرطبي في ((التفسير)) (٩/ ٣٣٦) باطل، وقال الدارقطني في ((العلل)) مضطرب غير ثابت، وقال الترمذي: منكر، وكذا البخاري، وقال: إنه ليس له وجه صحيح، وقال ابن معين فيما حكاه الخطيب في ((تاريخ بغداد)) إنه كذب لا أصل له، وأورده ابن الجوزي في ((الموضوعات)) وأشار إلى هذا ابن دقيق العيد، بقوله: هذا الحديث لم يثبتوه، وقيل: إنه باطل، وقال ابن تيمية موضوع، وكذلك أورده ضمن ((الموضوعات)) كل من الشوكاني وابن عراق والألباني ..

<<  <  ج: ص:  >  >>