للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنها دعوى عريضة فوق مستوى عقول البهائية، وتصدر البهائي وأتباعه لهذا الزعم يعتبر من مهازل البهائية البائسة ويعتبر من عجائب الزمن، فمن يقبل من الناس أن يركن إلى البهائي ومزاعمه هو وأتباعه دون أن يرى الحلول الإيجابية لتلك المشكلات التي يعج بها العالم كله؛ لأن الحل عند البهائية هو أن تدخل رأسك في الشبكة لترى الحل حينئذ في عالم الخيالات الوهمية. نسي أو جهل البهائيون أن حل مشكلات الحياة العالمية لا يمكن أن يأتي عن طريق الخرافات والمؤامرات الظاهرة والخفية وإنما يأتي عن طريق الاقتناع التام من داخل النفس: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:٢]، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:١٣]، إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:٩٢]، وكذا قول نبي الإسلام: ((يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى)) (١). ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) (٢) ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)) (٣).

ومئات النصوص في كتاب الله وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم فيها الحلول المباشرة التي يلمسها الإنسان ويرى تأثيرها بمجرد أن يمتثل الأمر، ولو طبق الناس الإسلام لرأوا كيف يصبح السلام واقعاً حقيقياً لا خداع فيه ولا تجبر ولا مكائد ولا دسائس، ولرأوا أن جميع مشكلات العالم تذوب من تلقاء نفسها كما يذوب الملح في الماء.

لأن الحلول الإسلامية تناجي كل قلب على حدة وتقول له: ابدأ بنفسك ليقتدي بك الآخرون، فتصبح الدعوة جماعية في آن واحد دون أن يتدخل أي شخص في تفكير الآخر.

أما الدعوة البهائية للسلام العالمي فإنها تصبح هكذا: الرب هو المازندراني، والأرض التي يحكمها كل شخص هي له لا حق فيها للآخرين، فللإنجليز ما يملكون، وللروس ما يأخذون، ولأمريكا ما تريد، وعلى الجميع السمع والطاعة لمن قوي على شريعة الجاهلية الأولى، من عزّ بزّ ومن غلب استلب، ومن لم يحترف لم يعتلف، فهل هذه الفكرة الهزيلة تقدم الحلول لمشكلات الناس؟

إن من المعروف بداهة وواقعاً أن كل تجمّع على غير هدى الخالق العظيم رب العالمين لا يمكن أن يقدم الحلول المرضية لمشكلات الناس مهما كان نبوغ المجتمعين، ومهما كان إخلاصهم، ولا نذهب بعيداً فهذا مجلس الأمن أو مقام الأمم المتحدة أشبه ما يكون بجسم لا روح فيه؛ بل هو مقر الخدع والمؤامرات لأصحاب النفوذ والقوة، لا يهمه إلا إرضاء الدول الدائمة العضوية كما يسمونها، أصحاب السيف الفولاذي الذي يسمونه (الفيتو).

لقد صار هذا الفيتو سيفاً على رقاب الناس لا يجوز الخروج عن طاعته، ظلمه عدل وقتله رحمة وكلمته هي الفصل، فكيف بعد ذلك وأنى لهم أن يقدموا الحلول العادلة وهم لا يملكونها (وفاقد الشيء لا يعطيه).


(١) رواه أحمد (٥/ ٤١١) (٢٣٥٣٦) ومسدد والحارث كما في إتحاف الخيرة المهرة (٢٦١٤) والبيهقي في الشعب (٧/ ١٣٢) قال ابن تيمية في ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (١/ ٤١٢): إسناده صحيح. وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٣/ ٢٦٩): رجاله رجال الصحيح. وأورده الألباني في الصحيحة (٢٧٠٠) وقال الوادعي في الصحيح المسند (١٥٣٦) صحيح
(٢) رواه البخاري (١٣)، ومسلم (٤٥) من حديث أنس.
(٣) رواه البخاري (١٠) من حديث عبد الله بن عمرو، ومسلم (٤١) من حديث جابر.

<<  <  ج: ص:  >  >>