للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثالث: شبهات البابية والبهائية في ختم النبوة]

تتفق البابية والبهائية والقاديانية في الشبهات التي أوردوها وانفردت البابية والبهائية بثلاث شبهات وإلى القارئ البيان:

الشبهة الأولى والجواب عنها: هي أن شريعة الإسلام لم تعد صالحة لهذا العصر ولم تعد مقبولة في ظل الحضارة المادية الحاضرة وسوغ دعايته الضالة بقوله: (الإنسان ما زال في تطور ورقي فكذلك الشرائع في تطور وتبدل على مقتضى الأزمان والأدوار والشريعة التي تصلح لزمان قد لا تصلح لزمان آخر فهذه الأمة المحمدية قد كانت مستظلة بسماء شريعة القرآن أكثر من اثني عشر قرنا تركتها واستعاضت عنها بالقوانين الوضعية ولا تكاد تجد الآن دولة من دول أمة القرآن تحكم بشريعة القرآن كاملا إلا في بعض الأحوال الشخصية وما ذاك إلا لأنهم لم يجدوا أنها تصلح لزمانهم هذا) (١).

أقول وبالله التوفيق: الجواب عن هذه شبهة هذا الكذاب:

أما قوله إن شريعة الإسلام لم تعد صالحة لهذا العصر ... إلخ فكلام باطل مسروق من كلام المستشرقين الذين يحملون الحقد الدفين على الإسلام والمسلمين ويطعنون في هذا الدين القيم مثل هذا الطعن الذي لم يكتسب وصف الصحة يوما قط ولم يتأيد ببرهان بل الشريعة الإسلامية شريعة كاملة وافية بحاجات البشر من يوم أن نزلت من السماء على رسول رب العالمين وخاتم النبيين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

والدليل الأول على ذلك قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا [المائدة:٣] يصرح الله بكمال هذه الشريعة الغراء ويطعن فيها هذا الدجال بأنها لم تعد صالحة لهذا العصر يعني أنها ناقصة إن صلحت للعصر النبوي فلا تصلح لهذا العصر أي فيحتاج الناس إلى نبي جديد وكذب في ذلك وقلب الحقائق وموه على خفافيش الأبصار وقال الله في آية أخرى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام:١٥٣] أمرنا الله باتباع سبيل القرآن والسنة فلو كانت غير صالحة لما أمرنا باتباعها. وفي الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك)) (٢).قال أبو ذر: لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في السماء - إلا وهو يذكرنا منه علما- (٣). أو كما قال.

والشريعة الإسلامية شريعة عالمية صالحة لجميع الأقوام والأجناس وبالاختصار نقول: صالحة لسكان الكرة الأرضية كلهم خالدة جاءت لتبقى على كر الدهور ومر العصور إلى يوم ينفخ في الصور وما أتت الشريعة يوما قط لقوم دون قوم أو لعصر دون عصر ومن ادعى خلاف هذا القول فقد كفر بالله العظيم واتبع غير سبيل المؤمنين


(١) من ((حقيقة البابية والبهائية)) للشيخ محسن عبد الحميد نقلا عن ((التبيان والبرهان)) (٢/ ٧).
(٢) رواه ابن ماجه (٤٣) وأحمد (٤/ ١٢٦) (١٧١٨٢) والحاكم (٣٣١) والطبراني (١٥٣٥٢) كلهم بدون لفظة المحجة. قال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (٩٣٧): إسناده صحيح. وصححه في ((صحيح الترغيب)) (٥٩).
(٣) رواه الطيالسي (٤٧٩) وأحمد (٥/ ١٥٣) (٢١٣٩٩) والطبراني (٢/ ١٥٥) (١٦٤٧) والدارقطني في ((العلل)) (١١٤٨). قال البزار في ((البحر الزخار)) (٩/ ٣٤١) [فيه] منذر الثوري لم يدرك أبا ذر. قال الدارقطني: غير ابن عيينة يرويه عن فطر عن منذر الثوري عن أبي ذر مرسلا وهو الصحيح وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٨/ ٢٦٤): رجال الطبراني رجال الصحيح غير محمد بن عبد الله بن يزيد المقري وهو ثقة، وفي إسناد أحمد من لم يسم.

<<  <  ج: ص:  >  >>