للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رابعا: ادعاؤه الوحي والنبوة]

وحينما وصل إلى الدرجة النهائية لتدرجه إلى مقام النبوة صرح بآخر تفاصيل الخطة، وأزاح الضباب الذي جعله سابقاً غطاء للوصول إلى هذه الدرجة التي أعلن فيها نبوته، وصال وجال وتحدى الناس وراهن على صدق نبوته وصدق نفسه أنه نبي، ومن هنا انطلق آخذاً في اعتباره أن يغطي الإسلام برداء نبوته الجديدة، وأن يتحول المسلمون على مر الزمن من الإسلام الذي ارتضاه الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه إلى يوم القيامة - أن يتحولوا إلى القاديانية فتصبح قاديان بدلاً من مكة والمدينة وبيت المقدس أيضاً، وتنتقل مهوى الأفئدة إلى قاديان، ويصبح زيارة مسجد القادياني والسلام على القادياني بدلاً عن زيارة المسجد النبوي والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتصبح تعاليم القادياني بديلة لتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية إلى آخر ما كان يهدف إليه، وفي ظني أن المنية عاجلته قبل أن يكمل المخطط تماماً، ولربما لو امتدت به الحياة بعد تلك الفترة التي قضاها لكان له شأن آخر. وعلى كل حال، فقد ادعى الغلام النبوة وبيَّن المهام التي أسندها الله إليه حسب زعمه، فقال: (أنا على بصيرة من رب وهَّاب، بعثني الله على رأس المائة؛ لأجدد الدين وأنوِّر وجه الملة وأكسر الصليب وأطفئ نار النصرانية، وأقيم سنة خير البرية، ولأصلح ما فَسَدَ وأروِّج ما كسد، وأنا المسيح الموعود والمهدي المعهود، منَّ الله عليّ بالوحي والإلهام، وكلمني كما كلم رسله الكرام) (١)

المصدر:فرق معاصرة لعواجي ٢/ ٧٩٠،٧٩١ يقول في تكملة البراهين الأحمدية، جـ ٥، ص ١٨٣: "من العقيدة الباطلة الواهية أن يظن أحدٌ أن باب الوحي قد انغلق إلى أبد الآباد بعد محمد، صلى الله عليه وسلم، ولا رجاء فيه –أي في افتاحه - في المستقبل إلى يوم القيامة، كأنكم أمرتم ألا تعبدوا إلا القصص والأساطير، فهل من الممكن أن يكون الدين الذي لا يعرف الله فيه معرفة مباشرة ديناً" (٢).وقال أيضاً في الدر الثمين، ص ٢٨٢: "ونزول المسيح " ص٢٨٢: "والذي أنا أسمع من وحي الله، والله منزه عن الخطأ، وأنا أعرفُ أنه منزه عن الخطأ كالقرآن. والله هذا هو إيماني. والله إن هذا لهو كلام الله، وهو من لسان الله الوحيد الطاهر" (٣).

المصدر: القاديانية للدكتور عامر النجار - ص٣١

إلا أنه تميز عن الرسل بخاصية لا توجد فيهم وهي:

أن الرسل كانوا يفرحون بأخذ النبوة ويتقبلونها بلهفة، بينما هو تقبلها رغم كراهيته لها وإيثاره الخمول على الشهرة، وهذا في قوله: (كنت أحب أن أعيش مكتوماً كأهل القبور، فأخرجني ربي على كراهيتي من الخروج، وأضاء اسمي في العالم مع هربي من الشهرة والعروج، ولبثت عمراً كالسر المستور أو القنفذ المذعور ... ثم أعطاني ربي ما يحفظ العدا) (٤).

وقوله: (فأخرجني الله من حجرتي، وعرفني في الناس وأنا كاره من شهرتي، وجعلني خليفة آخر الزمان وإمام هذا الأوان) (٥).

لقد كان القادياني لبقاً في إبداء فكرته، يمشي خطوة خطوة وينتقل من مرحلة إلى مرحلة، فبدأ يتكلم عن الإلهام والعلم الباطني والعلم اليقيني كمنزلة طبيعية يصل إليها الإنسان بلزوم متابعة النبي صلى الله عليه وسلم والاضمحلال فيه على طريقة الصوفية، ويتكلم عن صفات النبوة والنبي الذي يجمع هذه الخصائص وإمكان ذلك.


(١) ((ضميمة الوحي)) (ص٢٢).
(٢) أبو الأعلى المودودي، ((ما هي القاديانية))، (ص٣٧).
(٣) أبو الأعلى المودودي، ((ما هي القاديانية))، (ص ٣٧).
(٤) أي ما يثير غضبهم وحقدهم. انظر لهذا النص: ((ضميمة الوحي)) , (ص٣٤).
(٥) ((خاتمة رسالته ضميمة الوحي)) (ص٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>