للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثاني: الرد على القاديانية فيما يتعلق بالمهدي والمسيح ورد في السنة النبوية عدة أحاديث تؤكد ظهور المهدي في آخر الزمان منها ما رواه أبو سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ((أبشركم المهدي في أمتي على اختلاف من الناس، وزلازل فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، يقسم الأرض صحاحاً. فقال رجل: وما صحاحاً؟ قال: بالسوية بين الناس. قال ويملآ الله قلوب أمة محمد، صلى الله عليه وسلم، غنىً ويسعهم عدله حتى يأمر منادياً فينادي فيقول: من له في مال حاجة فما يقوم من الناس إلا رجل واحد فيقول: ائت السدَّان - وفي رواية السادن - أي الخازن - فقل له: إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالاً فيقول له: احث حتى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم. فيقول: كنت أجشع أمة محمد نفساً؟ أوعجز عني ما وسعهم؟ قال: فيرده فلا يقبل منه فيقال: إنا لا نأخذ شيئاً أعطيناه فيكون كذلك سبع سنين أو ثمان سنين ثم لا خير في العيش بعده أو قال: ثم لا خير في الحياة بعده)) (١).وقد جاء في صحيح مسلم أقر فيه إشارة إلى المهدي دون ذكر اسم المهدي، فعن أبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده)) (٢).وعن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، ((يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي)). وقال أبو هريرة، رضي الله عنه: ((لو لم يبق من الدنيا إلا يومٌ لطوَّل الله ذلك اليوم حتى يلي)) (٣).إن أحاديث ظهور المهدي في آخر الزمان كثيرة، وصحيح أن في بعض هذه الأحاديث ضعف في إسنادها إلا أن كثرة رواياتها مما يقوي بعضها بعضاً، يقول العلامة ابن القيم رحمه الله: "وهذه الأحاديث وإن كان في إسنادها بعض الضعف والغرابة فهي مما يقوي بعضها بعضاً، ويشد بعضها بعضاً، فهذه أقوال أهل السنة" (٤).ويقول العلامة ابن خلدون في مقدمته: "إن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممرِّ الأعصار أنه لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين، ويظهر العدل ويتبعه المسلمون، ويستولي على الممالك الإسلامية، ويسمى المهدي، ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره، وإن عيسى ينزل من بعده فيقتل الدجال أو ينزل معه فيساعده على قتله ويأتم بالمهدي في صلاته" (٥).وقال العلامة السفاريني في كتابه (لوامع الأنوار البهية): "والصواب الذي عليه أهل الحق أن المهدي غير عيسى، وأنه يخرج قبل نزول عيسى عليه السلام، وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عُدَّ من معتقداتهم .. ..


(١) (([١٦٢٠٩] رواه أحمد (٣/ ٣٧) (١١٣٤٤) ومسدد وابن منيع كما في ((إتحاف الخيرة)) (٧٦١٣/ ٢) وهو في الترمذي (٢٢٣٢) وابن ماجه (٤٠٨٣) مختصرا. قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٧/ ٦١٠): رواه أحمد بأسانيد وأبو يعلى باختصار كثير ورجالهما ثقات. وقال الذهبي ((ميزان الاعتدال)) (٣/ ٩٧): فيه العلاء بن بشير مجهول. وقال الشيخ الألباني ((السلسلة الصحيحة)) (٧/ ١٧٣١): رجاله ثقات رجال مسلم غير العلاء بن بشير وهو مجهول لكن قد توبع على بعضه. وقال في ((الضعيفة)) (١٥٨٨): ضعيف.
(٢) رواه مسلم (٢٩١٤/ ٢٩١٣).
(٣) رواه الترمذي (٢٢٣١) وأحمد (١/ ٣٧٦) (٣٥٧١) وهو عنده دون قول أبي هريرة،.قال الترمذي: حسن صحيح. وقال أحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (٥/ ١٩٧): إسناده صحيح. وقال الألباني في ((صحيح الترمذي)) (٢٢٣١): حسن صحيح.
(٤) ابن القيم ((المنيف في الصحيح والضعيف)) (ص٧٩).
(٥) ابن خلدون ((المقدمة))، (١/ ٥٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>