للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: عقيدتهم في الله]

عقيدة الأحباش عقيدة فاسدة مباينة لعقيدة أهل السنة والجماعة، وهي خليط من عقائد الفرق الضالة، وهي عقيدة متناقضة، وتتضح معالم الانحراف والضلال لديهم فيما يلي:

- صفات الله (عز وجل):

ينفي الأحباش جميع الصفات التي وصف الله (جل وعلا) بها نفسه، ولا يثبتون إلا ما تتخيله عقولهم القاصرة، زاعمين أنهم بِرَدِّ هذه الصفات الواردة في الكتاب والسنة ينزهون الله، وهم يُكَفِّرُون كل من يثبت هذه الصفات لله، ويتهمونه بأنه مشبه ومجسم.

وللأحباش طريقة عجيبة في نفي صفات الله (جل وعلا) ـ أو كما يقولون: لتنزيهه ـ، وذلك بمقارنته بالمخلوق، فيقولون: المخلوق له يد، فالله منزه عن اليد، والمخلوق له قدم، فالله منزه عن القدم، والمخلوق له عينان، فالله منزه عن العينين، ويتجاهلون أن الله ليس كمثله شيء، وأن صفاته ليست كصفات المخلوقين، فإثبات هذه الصفات ـ كما يليق بجلاله ـ لا يستلزم تمثيله بمخلوقاته. وقد وصل الأمر بالأحباش إلى كلام عن اللسان والحنجرة والأسنان، بل إلى الإليتين!!، فقالوا: (إذا قلنا: إن الله مستو على العرش، فمعنى ذلك أن له إليتين) (١)، انظر إلى هذه الجرأة في حق الله (جل وعلا) وإلى هذا الجهل المطبق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا [الإسراء: ٤٣].ويقوم الأحباش بنفي بعض الصفات عن الله (تعالى) تفصيليّاً بطريقة بدعية، ويقارنون ذات الله بذوات المخلوقين، فيقولون: الله ليس كالرجل الضخم، الله ليس كذا وكذا، مما يطبع في ذهن السامع صوراً وأشكالاً وتفكراً في ذات الله (سبحانه وتعالى)، وقد ورد عن ابن عباس (رضي الله عنه) موقوفاً، وروي مرفوعاً إلى النبي: ((تفكروا في خلق الله، ولا تفكروا في الله)) (٢).

والمعلوم أن طريقة القرآن ـ في الغالب ـ هي أن نفي النقائص عن الله يكون مجملاً، وإثبات الكمال لله يكون مفصلاً، بخلاف طريقة أهل البدع التي تقوم على النفي المفصل والإثبات المجمل، وأيضاً: إن هذا النفي المفصل ـ والذي يسميه الأحباش تنزيهاً ـ يعتبر ذمّاً وليس مدحاً؛ فلو قلت لرجل: أنت لست سارقاً ولا زانياً ولا كلباً ولا قذراً .. إلخ .. ألا يغضب هذا الرجل، ويعتبر هذا التنزيه عن هذه النقائص ذمّاً؟، فكيف بمقام رب العالمين، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا [الإسراء: ٤٣]. وقد أورد الله (تعالى) في كتابه العظيم هذا النفي مجملاً، فقال: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [مريم: ٦٥]،، وقال: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى: ١١]، وقال: لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:٣ - ٤].

- توحيد الله (جل وعلا):


(١) لقاء مع نزار الحلبي في جريدة المسلمون العدد ٤٠٧ وورد في كتاب شيخهم ((الدليل القويم)) (ص٣٦).
(٢) رواه أبو الشيخ في ((العظمة)) (٤) بزيادة (فتهلكوا) عن أبي ذر الغفاري، ورواه أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس كما في الجامع، وقال ابن حبان في ((المجروحين)) (٢/ ٣٤٠) موضوع أو مقلوب والحديث عنده عن ابن عمر، وحسن الألباني حديث ابن عباس في ((صحيح الجامع)) (٢٩٧٦) وضعف حديث أبي ذر في ((ضعيف الجامع)) (٢٤٧١)، والحديث ورد بلفظ ألاء الله بدل خلق الله، وصححه الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (١٧٨٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>