للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثالث: مواقف العلماء الآخرين من المذهب الأشعري]

يرد على من زعم أن الأشعرية هم أهل السنة

١ - موقف أبي نصر السجزي من الأشعرية:

فهذا أبو نصر السجزي: علم من أعلام السنة ومن المشهود لهم بالحفظ وأتباع السنة ينقد الأشعرية نقدا شديدا ويصرح بأن الناس لم يزالوا على سنة حتى جاء الأشعري.

قال: "اعلموا أرشدنا الله وإياكم، أنه لم يكن خلاف بين الخلق على اختلاف نحلهم من أول الزمان إلى الوقت الذي ظهر فيه ابن كلاب والقلانسي والصالحي والأشعري وأقرانهم الذين يتظاهرون بالرد على المعتزلة، وهم معهم بل أخس حالا منهم في الباطن. وصرح بأن "المعتزلة مع سوء مذهبهم أقل ضرراً على عوام السنة من هؤلاء".

واتهم الأشعري بأنه كان يجعل أسماء الله تسميات ويهرب من اعتبارها أسماء. وكان يتلاعب في موقفه من القرآن فيعتقد بأنه عبارة، وأن حروفه شيء آخر غير ما تكلم الله به. وأن قول الأشعرية في القرآن حيرة يدعون قرآنا ليس بعربي وأنه الصفة الأزلية، وأما هذا النظم العربي فمخلوق عندهم. ويقولون الإيمان التصديق".

وشدد على أنه ينبغي تأمل قول الكلابية والأشاعرة في الصفات ليعلم أنهم غير مثبتين إلها في الحقيقة. واحتج بما رواه محمد بن عبدالله المالكي المغربي وكان فقيها صالحا عن الشيخ أبي سعيد البرقي وهو من شيوخ فقهاء المالكيين ببرقة عن أستاذه خلف المعلم وكان من فقهاء المالكيين أيضا أنه قال: أقام الأشعري أربعين سنة على الاعتزال ثم أظهر التوبة فرجع عن الفروع وثبت على الأصول. وهذا كلام خبير بمذهب الأشعري وغوره. وانتهى إلى تلك الوصية: "ينبغي أن ينظر في كتب من درج وأخبار من سلف: هل قال أحد منهم إن الحروف ليست من كلام الله؟ فإن جاء ذلك عن أحد من الأوائل والسلف قبل مخالفينا الكلابية والأشعرية: عذروا في موافقتهم إياه" (١).

٢ - شيخ الإسلام الهروي: لقد بالغ الهروي في ذم المذهب الأشعري حتى قال: بأن ذبائح الأشعري لا تحل" (٢). وكان الناس يقاطعون من يتمذهب بهذا المذهب الكلامي. فقد انقطع الناس عن أبي عصرون – من علماء الأشاعرة – فقال لهم: لماذا انقطعتم عني؟ قالوا: إن أناساً يقولون: إنك أشعري. فقال: والله ما أنا بأشعري" (٣).

٣ - ابن خويز منداد فقيه المالكية: وقال مالك "لا تجوز شهادة أهل البدع" وذكر حافظ المغرب وفقيهها ابن عبدالبر بسنده عن فقيه المالكية أبي بكر بن خويزمنداد أنه قال معلقاً على قول مالك "لا تجوز شهادة أهل البدع والأهواء" قال: "أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام، فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع، أشعرياً كان أو غير أشعري ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبداً، ويهجر ويؤدب على بدعته" (٤).


(١) ((رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت)) (١٤٥ و ١٧٣ - ١٧٨) تحقيق محمد باكريم باعبدالله. دار الراية.
(٢) ((طبقات السبكي)) (٤/ ٢٧٢) محققة.
(٣) ((طبقات السبكي)) (٧/ ١٣٤) محققة.
(٤) ((جامع بيان العلم)) (٢/ ٩٦) ((صون المنطق والكلام للسيوطي)) (١٣٧) ((مفتاح السعادة)) (٢/ ١٣٧) وحذف طاش كبري زادة من النص ما يتعلق بالأشاعرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>