للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الرابع: من أهم المسائل التي خالف فيها الأشاعرة أهل السنة]

- من أخطر ما خالف به الأشاعرة أهل السنة خوضهم في صفات الله عز وجل بالتأويل الذي نهى عنه السلف خاصة الصفات الخبرية التي وصف الله بها نفسه أو وصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم مثل صفات اليد, والعين, والنفس, والوجه, والاستواء على العرش, والنزول, والمجيء, والرضا, والغضب, والحب, والبغض, ونحوها من الصفات الخبرية التي ذكرها الله تعالى في كتابه, أو صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم لم يؤمنوا بها كما جاءت, وكما فعل السلف, فقد أولوها وصرفوا ألفاظها إلى غير ظاهرها, هروبا من شبهة التجسيم والتمثيل, وغفلوا عما يترتب على فعلهم هذا من تحريفهم لكلام الله وتعطيل لمعانيه والقول على الله بغير علم, وغير ذلك من المستلزمات التي يقتضيها التأويل وتنافي التسليم لله تعالى إذ كيف يليق أن يقول الله عن نفسه ويقول عنه رسوله صلى الله عليه وسلم بصفات لا تليق, أو تقتضي التشبيه والتجسيم, ثم لا يكتشف هذه المسألة إلا المتكلمون بعد القرن الثالث الهجري!

ثم كيف فات هذا الفهم على الصحابة والتابعين وسلف الأمة ثم يدركه المتكلمون؟! هذا مما لا يليق تجاه كلام الله – تعالى – وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وأئمة الهدى الأوائل ممن هم أعلم منهم وأتقى لله فإن الله سبحانه حين وصف نفسه بتلك الصفات: كاليدين, والوجه, والنفس, والرضا, والغضب, والمجيء, والاستواء, والعلو ...... إلخ. من الصفات, فقد سد باب شبهة التمثيل بقوله سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: ١١].

فهل الذين أولوا تلك الصفات أعلم بالله من الله؟

وهل هم أشد تنزيها لله من رسوله صلى الله عليه وسلم؟

وهل هم أعلم بمراد الله من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلف الأمة من التابعين وتابعيهم وأئمة الهدى والسنة في القرون الفاضلة؟! الذين أمروا هذه الصفات وغيرها من أمور الغيب كما جاءت عن الله وعن رسوله لفظا ومعنى على مراد الله ورسوله من غير تشبيه ولا تعطيل ولا تأويل.

وقد ابتلي المتكلمون – ومنهم الأشاعرة – بسبب التأويل في صفات الله وبعض مسائل العقيدة بأن أدخلوا في عقائدهم من المصطلحات والألفاظ والظنيات العقلية ما لا يليق القول به في حق الباري سبحانه لا نفيا ولا إثباتا.

وأقل ما يقال فيه إنه كلام مبتدع لم يرد عن الله ولا عن رسوله صلى الله عليه وسلم فالكف عنه أسلم, والخوض فيه قول على الله بلا علم, مثل: الحدود والغايات, والجهات, والماهية, والحركة, والحيز, والعرض, والجوهر, والحدوث, والقدم.

ودعوى قطعية العقل وظنية النقل ... ومثل كلامهم في: التركيب والتبعيض وقولهم عن الباري سبحانه لا داخل العالم ولا خارجه ... إلخ.

ومما ابتدعوه من الكلام عن الله تعالى نفيا وإثباتا. وذلك انسياقا مع إلزامات المعتزلة والجهمية والفلاسفة العقلية الجدلية.

وكلامهم في هذه الأمور قد يشتمل على بعض الحق أحيانا لكن الله تعالى نهانا عنه, وأقل ما يقال فيه أنه قول على الله بغير علم والله تعالى يقول: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [الإسراء: ٣٦] ويقول: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ [الأعراف: ١٨٠].

فأهل السنة لا يتكلمون في هذه الأمور على سبيل التأصيل والإقرار والتقرير إلا من باب الرد وإلزام الحجة, وبقدر الحاجة فمخالفة الأشاعرة لأهل السنة في هذا الباب (الصفات) ليست فرعية, إذ هي متعلقة بأصل من أعظم أصول الدين وهو توحيد الصفات المتعلقة بالباري سبحانه جل شأنه .........

<<  <  ج: ص:  >  >>