للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثالث: القول بالمجاز ذهبت الماتريدية كغيرها من الفرق الكلامية إلى القول بأن المجاز واقع في اللغة والقرآن والحديث، قال ابن الهمام: " المجاز واقع في اللغة والقرآن والحديث ... " (١). وقد نص على هذا غير واحد من أئمتهم وعلمائهم وهو أصل منهجي يعتمدون عليه في تقرير العقيدة وأصول الفقه (٢).

فهم يقسمون الألفاظ الدالة على معانيها إلى حقيقة ومجاز ويقصدون بالحقيقة اللفظ المستعمل فيما وضع له وبالمجاز اللفظ المستعمل في غير ما وضع له فالمجاز عندهم هو قسيم الحقيقة أي بمعنى الشيء المقابل للحقيقة والمجاز بهذا الاصطلاح كان له دور كبير في عقيدة الماتريدية ومن قبلها المعتزلة حيث اعتمدوا عليه في تأويلهم للنصوص والذي دفعهم لهذا هو اعتقادهم بأن حمل النصوص على معانيها الحقيقية يستلزم التجسيم والتشبيه لذلك نجدهم يستدلون على قولهم بالمجاز بقوله تعالى: اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ [البقرة:١٥] ونحوها من الآيات ويقولون بأن الاستهزاء حقيقة لا يتصور منه تعالى فهو مجاز عن الجزاء المشابه له. قال البياضي في (إشارات المرام): " لما لم يكن حمل تلك النصوص على معانيها الحقيقية من الجوارح الجسمانية والتحيز والانفعالات النفسانية لمنع البراهين القطعية ولم يجز إبطال الأصل لعدم درك حقيقة الوصف بلا كيفية تحمل على المجاز من الصفات بلا كيفية .... " (٣).وقال أيضا: " وإنما قالوا بالمجاز نفيا لوهم التجسيم والتشبيه ... " (٤).


(١) ((التحرير)) (١٦٨)، ((تيسير التحرير)) لأمير بادشاه (٢/ ٢١).
(٢) انظر ((التوحيد)) للماتريدي (٦٨، ٦٩)، ((التأويلات)) (١/ل ١٢، ٢٢١)، (٤٣٤، ٧٠٣)، ((كشف الأسرار عن أصول البزدوي)) (١/ ٦١) وما بعدها، (٢/ ٤٥، ٦٠ - ٧٦)، ((شرح المنار)) للنسفي وحواشيه (٣٧٠) وما بعدها، ((فتح الغفار بشرح المنار)) (١/ ١١٧)، وما بعدها، ((التحرير)) لابن الهمام (١٦٠ - ١٨٦)، ((تيسير التحرير)) (٢/ ٢ - ٦٣)، ((فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت بحاشية المستصفى)) للغزالي (١/ ٢١١ - ٢٢٩).
(٣) ((إشارات المرام)) (١٨٧).
(٤) ((إشارات المرام)) (١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>