للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أولا: مخالفة الماتريدية للنقل الصحيح]

لقد عارضت الماتريدية - في تعطيلهم لصفة "العلو" لله سبحانه وتعالى جميع ملل الأنبياء والمرسلين السابقين، وجميع الكتب الإلهية المنزلة، والنصوص الصريحة المحكمة الصريحة في الكتاب والسنة.

أما اتفاق ملل الأنبياء والمرسلين السابقين على تحقيق "علو" الله تعالى - فقد اعترف بذلك كبار الماتريدية، والأشعرية، بل القرامطة الباطنية. والشيخ الإمام عبدالقادر بن موسى بن عبدالله الجيلاني (٥٦١هـ) (١) - الذي اتفق على كراماته وولايته (٢)، والذي قال فيه الإمام عز الدين بن عبدالسلام: "ما نعرف أحداً كراماته متواترة كالشيخ عبدالقادر رحمه الله" (٣) - قد قال: "وهو لجهة العلو مستوٍ على العرش، ... وكونه على العرش مذكور في كل كتاب أنزله على كل نبي أرسله" (٤).

وقال الإمام ابن القيم معلقاً على كلام الشيخ الجيلاني هذا:"وصدق ... ، فإن الرسل من أولهم إلى آخرهم ليس بينهم اختلاف في أسماء الرب، وصفاته، وأفعاله ... ، فلم يختلف منهم اثنان في باب الأسماء والصفات وإن كان في الكتابين الذين لم ينزل من السماء كتاب أهدى منهما - من ذلك ما ليس في غيرهم، حتى زعمت أمة المعطلة: أنهما كتابا تشبيهٍ، ومن جاء بهما إماما المشبهة" (٥).وأما أدلة "علو الله تعالى" في القرآن الكريم وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلام سلف هذه الأمة ونصوص أئمة السنة، فأمر لا يعده العاد ولا يحصيه إلا رب العباد. وقد ذكر بعض كبار الحنفية وغيرهم من أهل العلم أن بعض أئمة السنة تتبعها فوجدها أكثر من ألف دليل (٦).

وقد تنوعت أدلة "علو الله تعالى" أنواعاً متعددة ذكر منها بعض أئمة السنة أكثر من عشرين نوعاً، واعترف بها بعض كبار أئمة الكلام، ولا حاجة إلى ذكرها ولكن أشير إلى بعض تلك الأنواع:

١ - نصوص علوه تعالى على خلقه سبحانه.

٢ - نصوص فوقيته سبحانه على عباده.

قال تعالى: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ [الأنعام:١٨].


(١) ترجمته في ((ذيل طبقات الحنابلة)) لابن رجب (١/ ٢٩٠ - ٣٠١)، و ((شذرات الذهب)) (٤/ ١٩٨).
(٢) ((الصواعق المرسلة)) (٤/ ١٢٧٩).
(٣) ((الصواعق المرسلة)) (٤/ ١٢٧٩).
(٤) ((غنية الطالبين)) (١/ ٦٣).
(٥) ((الصواعق المرسلة)) (٤/ ١٢٧٩)، وراجع ((اجتماع الجيوش)) (ص ٣٢٣)، و ((مختصر الصواعق)) (٢/ ٢٠٥ - ٢٠٦)، الطبعة القديمة، و (٢/ ٣٧٠)، الطبعة الجديدة، وانظر أيضاً ((درء التعارض)) (٥/ ٢٢٢، ٣٠٩ - ٣١٠)، و ((الحموية)) (ص ١٠٨ - ١٠٩)، و ((ضمن مجموع الفتاوى)) (٥/ ١١٠ - ١١١، ٢٧١، ٢٧٥) و ((ضمن مجموع الرسائل الكبرى)) (٣/ ٤٧١)، وانظر ((مناهج الأدلة)) (ص ١٧٦).
(٦) انظر ((الصواعق المرسلة)) (٤/ ١٢٧٩)، و ((اجتماع الجيوش الإسلامية)) (ص ٣٣١)، و ((شرح الطحاوية لابن أبي العز)) (ص ٣٣٢)، و ((روح المعاني)) للعلامة محمد الآلوسي مفتي الحنفية (٧/ ١١٤)، و ((جلاء العينين)) لنعمان الآلوسي الحنفي (ص ٣٥٥)، و ((غاية الأماني)) لشكري الآلوسي الحنفي (١/ ٤٤٣)، وانظر ((الجواب الصحيح)) (٣/ ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>