للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وضوح، حيث تلبس هنا ظواهر التاريخ الغربي وخصائصه التي لا يمكن أن تتكرر في تاريخ الأجناس والشعوب الأخرى، فإنها تبرز رغم ذلك تحت هذا الغلاف الخاص، أي عندما نخلص الموضوع من قيود التاريخ والسياسة ونعبر عن الأشياء بمصطلح علم النفس وعلم الاجتماع.

إن الشعور الديمقراطي في أوروبا كان النتيجة والمآل الطبيعي لحركة الإصلاح والنهضة. فهذا هو معناه التاريخي الصحيح، ولكن هذا المعنى لا يفصل عن تاريخ أوروبا ليطبق على أمم أخرى.

ولكن القانون العام بالنسبة إلى طبيعة الشعور الديمقراطي، سواء في أوروبا أو في بلد آخر. هو أن هذا الشعور نتيجة لاطِّراد اجتماعي معين، فهو بالمصطلح النفسي، الحدّ الوسط بين طرفين كل واحد منهما يمثل نقيضاً بالنسبة للآخر، النقيض المعبر عن نفسية وشعور العبد المسكين من ناحية، والنقيض الذي يعبر عن نفسية وشعور المستعبد المستبد، من ناحية أخرى.

فالإنسان (الحر) أي الإنسان الجديد الذي تتمثل فيه قيم الديمقراطية والتزاماتها، هو الحدّ الإيجابي بين نافيتين تنفي كل واحدة منهما هذه القيم وتلك الالتزامات: نافية العبودية، ونافية الاستعباد.

ولهذا التطور ناحية شكلية لها دلالتها عندما يضفى على هذا الإنسان (الحر) لقب يعبر عن قيمته الجديدة؛ فبعد أن كان يعتبر ( Sujet) أي التابع إلى الملك أو مولاه، تسميه الثورة الفرنسية ( Citoyen) المواطن، وتحاكم الملك لويس السادس عشر فتسميه (المواطن كأبيه) أثناء المحاكمة، وبعد أن كان الفلاح الروسي يسمى (موجيك) في العهد القيصري، أصبح (الرفيق) بعد ثورة أكتوبر ١٩١٧، التي علقت على باب العهد الجديد صورة (الرفيق) ستالين.

ومن أثر هذه الشكليات أن يكون من بين أكبر الأسماء التي حلقت في سماء

<<  <   >  >>