للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المشكلات، التي يعتقدونها المشكلات الرئيسية للعالم الإسلامي، غير أنهم يختلفون بحسن نواياهم عن الآخرين، أولئك الآلات المسخرة بين أيدي اختصاصيي الصراع الفكري، السائرين على أثر أساتذتهم الغربيين، لا يختلفون معهم إلا في مهارة الأسلوب والترويق في الصيغة، ويلتقون مع أساتذتهم في الانتقاص من سوابق الفكر الإسلامي، ولكن يمتازون في إحاطة مستقبله بالريبة والإبهام بتلك الثرثرة التقدمية مثل صاحب كتاب (الأيديولوجيات العربية في محضر الغرب) الذي أشرنا إليه.

وهكذا يبقى الضمير الإسلامي في دوامة صراعه الباطن، يسكنه أحياناً ما يكتب المادحون، ويثيره أحياناً أخرى ما ينتجه المفندون، وقد استمر هذا الصراع منذ قرن في حلقة مغلقة، مستهلكاً أجدى الطاقات الفكرية في العالم الإسلامي من دون جدوى، من دون أي تأثير حقيقي على تطور العقلية الإسلامية، لم ينتج إلا بعض الصواريخ الأدبية الخلابة في تلك المؤلفات الجميلة التي لم يبق لها أي أثر مثل كتاب (روح الإسلام) للسيد أمير علي.

بحيث لو أننا حاولنا اليوم أن نجعل تقويماً لهذا الإنتاج نراه يعبر أحسن تعبير على تبذير طاقاتٍ فكريةٍ ثمينةٍ لم يحسن استخدامها، وإذا أردنا أن نعطي هذا التقويم كل معناه، يجب أن نقارن هذا الإنتاج بما أنتجه لوثر وكلفان إبان حركة الإصلاح في أوروبا، وإنتاج ديكارت الذي وضع أقدام أوروبا على طريق التطور التكنولوجي أو إنتاج ماركس وأنجلس ولينين الذين وضعوا على أقدامه مجتمعاً جديداً يغزو اليوم الفضاء.

وبالتالي، يتبين لنا أن الإنتاج الاستشراقي، بكلا نوعيه، كان شراً على المجتمع الإسلامي، لأنه ركب في تطوره العقلي عقدة حرمان سواء في صورة المديح والإطراء التي حولت تأملاتنا عن واقعنا في الحاضر وأغمستنا في النعيم الوهمي الذي نجده في ماضينا، أو في صورة التفنيد والإقلال من شأننا بحيث صيرتنا حماة

<<  <   >  >>