للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منه الشرع فلم يكسر من هيبته، ولم ينقص عند الناس من حرمته، فسلم له هو عرضه من القدح، وبدنه من الحد، وسلم له أصل إيمانه، وهو حياؤه من الله، وخوفه منه، واحترامه لدينه، وبعضه لما يأتي من معصيته، فيوشك بهذه الحياة التي في قلبه أن يقلع عن ذنبه ويتوب فيسلم عن المؤاخذة بسبب التوبة، وقد يترجح ما في قلبه من خوف وخجل، واحترام وبغض للمعصية وتألم بها- على نفس المعصية فيسلم من المؤاخذة بها عند الموازنة يوم القيامة. فصدق فيه هذا الوعد بأنه معافى من ذنبه، وسالم من المؤاخذة به.

أما الذي يجاهر بمعصيته ويعلن بها، فهذا قد تعدَّى على مجتمع الناس بما أظهر من فساد، وما أوجد من قدوة سيئة، وما عمل لمجاهرته على شيوع الفاحشة فيهم.

وقد تعدى على الشرع بما انتهك من حرمته، وجرأ من السفهاء عليه. وهو بمجاهرته قد دل على استخفافه بحق الله وحق عباده وعلى عناده للدين، وخلو قلبه من الخوف والحياء، وأي إيمان يبقى بعدهما.

ولما كانت المجاهرة بالمعصية تطلق في الغالب على من يعلن أمره للجماعات، بين النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أن مجاهرة الفرد كمجاهرة الجماعة من باب التنبيه على الجزئي الخفي من جزئيات المنهي عنه، لأنه هو الذي شأنه أن لا يتنبه له فيتساهل فيه، ومن تساهل في الجزئي الخفي أداه ذلك إلى التساهل في غيره. وهذا الجزئي الخفي هو أن يعمل عملا يستره الله فيه ثم يحدث به رفيقه فيكشف ستر الله عنه.

<<  <   >  >>