للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تعليق]

حدث أبي سعيد أخرجه الإمام أحمد بلفظ آخر، وفي آخره: "ويقرأ القرآن ثلاثة: مؤمن ومنافق وفاجر". وفسر الراوي عن أبي سعيد الفاجر بمن يتأكل بالقرآن. فقوله في رواية أبي عبيد: (ورجل يستأكل به) بمعنى الفاجر في رواية الإمام أحمد. ويكون حينئذ قوله في رواية أبي عبيد (رجل يباهى به) بمعنى قوله في الرواية الأخرى: (ومنافق).

وقد دل الحديث على ذم المباهى بتلاوته. وكثيرا ما يقصد قراء زماننا المباهاة بأصواتهم والفخر بحفظهم، ولا سيما إذا كانوا يمكلون مجتمعين بصوت واحد، فليحذر من يجد هذا من نفسه وليعلم أن كتاب الله هداية تخشع لها القلوب، وتستسلم الجوارح. ودل أيضا على ذم المسترزق بالقرآن، وكثير من قراء زماننا لا يقصدون من حفظه إلا التوسل به للتلاوة على الموتى بأجرة ونحو ذلك من الأغراض الدنيوية المحضة.

ولا يتناول هذا الذم من يأخذ الأجرة على تعليم القرآن إذا كانت في مقابلة تعبه، وشغل وقته، ولم يتخذ تعليمه صناعة من الصناعات المادية المحضة، بل على هذا المعلم- إن أراد السلامة من ذلك الذم- أن يكون هو نفسه عاملا بكتاب الله، وأن يقصد من تعليمه الدعوة إلى العمل به.

[١٨) الغاية من قراءة القرآن]

عن ابن مسعود- رضى الله عنه- أنه كان يقول:

(أنزل عليهم القرآن ليعملوا به، فاتخذوا درسه عملا. إن أحدهم ليتلو القرآن من فاتحته إلى خاتمته، ما يسقط منه حرفا وقد أسقط العمل به).

نقله الثعالبي في تفسيرة (١: ٩).

<<  <   >  >>