للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-]

رجل القومية العربية

ــ

لا يستطيع أن ينفع الناس من أهمل أمر نفسه. فعناية المرء بنفسه -عقلا وروحا وبدنا- لازمة له ليكون ذا أثر نافع في الناس على منازلهم منه في القرب والبعد، ومثل هذا كل شعب من شعوب البشر لا يستطيع أن ينفع البشرية ما دام مهملا مشتتا لا يهديه علم، ولا يمتنه خلق، ولا يجمعه شعور بنفسه ولا بمقوماته ولا بروابطه. وإنما ينفع المجتمع الإنساني ويؤثر في سيره من كان من الشعوب قد شعر بنفسه فنظر إلى ماضيه وحاله ومستقبله، فأخذ الأصول الثابتة من الماضي، وأصلح من شأنه في الحال، ومد يده لبناء المستقبل يتنأول من زمنه وأمم عصره ما يصلح لبنائه معرضا عما لا حاجة له به أو ما لا يناسب شكل بنائه الذي وضعه على مقتضى ذوقه ومصلحته.

فمحمد- صلى الله عليه وآله وسلم- وهو رسول الإنسانية كانت أول عنايته موجهة إلى قومه، وكانت دعوته على ترتيب حكيم بديع لا يمكن أن يتم إصلاح إنسانيا أو شعبيا إلا بمراعاته فكان "أول دعوته -صلى الله عليه وآله وسلم- لعشيرته، لقوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} فلما نزلت صعد الصفا ثم نادى «يا صباحاه» - وكان دعوة الجاهلية إذا دعاها

<<  <   >  >>