للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حمده عليها، وقد حمده أهله صبيا رضيا، وحمده قومه شابا سريا وسموه بالأمين ثم لما أنعم الله عليه بالنبوة كان أحمد الخلق لله بما كان له حينئذ من العلم بكمالات الله وإنعاماته. وهو وإن كان مفطورا على الإيمان والعلم والكمال وقد كان حامدا لله من يوم إدراكه لكن حمد النبي الرسول ليس كحمد من لم يكن بعد نبيا رسولا. فعلى هذا النظر من الترتيب يظهر وجه الأسبقية لاسم محمد على هذا القول.

ـ[«وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللهُ بِيَ الْكُفْرَ»]ـ: والمحو هو الإزالة. وفسر لنا- صلى الله عليه وآله وسلم- هذا الاسم دون الاسمين السابقين لأن اشتقاقهما كاف في ظهور معناهما، بخلاف الماحي فإنه قد يخفى المراد منه باعتبار الشيء الممحو ولذلك بينه بقوله الذي «يمحو الله بي الكفر».

وهذا المحو الذي كان به- صلى الله عليه وآله وسلم- علمي واما عملي وقد حصل المحو به- صلى الله عليه وآله وسلم- للكفر علميا وعمليا فأما الأول فقد جاء النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- بأدلة قاطعة وبراهين ساطعة على صدقه في كل ما جاء به من الحق والهدى والنور جاء من ذلك بما لم يأت به غيره وكل ذلك محو وإزالة للكفر في العالم العالمي. وأما الثاني فإنه صلى الله عليه وآله وسلم جاء والأرض في ظلمة من الكفر بين ضلال أهل الكتاب ووثنية المشركين وأنواع أخرى من كفر الكافرين، فدعا إلى الله وصبر وجاهد، فما مات - صلى الله عليه وآله وسلم- حتى انتشر الإسلام في جزبرة العرب كلها التي كانت سببا في إنقاذ البشربة ومصدرا لهدايتها فهذا محو عملي ومحو آخر وهو أنه- صلى الله عليه وآله وسلم- قد زويت وطويت له الأرض حتى شاهد مشارقها ومغاربها وقيل له أنه ستبلغ دعوته إلى ما زوي له منها. وقد كان ذلك كذلك، ففي الأمد القصير ظهر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، وانمحى سلطان الكفر، وانهدت عروش

<<  <   >  >>