للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تفريع]

كما أثرت النية في الأفعال التعبدية بالقبول والرد أو بتفاوت الأجر، كذلك تؤثر في الأعمال المباحة، فإن المباحات في نفسها لا يثاب ولا يعاقب عليها ولكنها بالنية والقصد منها يدخلها ذلك وتلحق بما أريد منها إلحاق الوسائل بمقاصدها. فالمشي- مثلا- مباح وقد ينوي به الذهاب إلى التعلم فيصير عمل طاعة فيثاب عليه ولو لم يجد المعلم فلم يتعلم، وقد ينوي به الذهاب إلى السرقة فيصير عمل معصية فيأثم به وإن حيل بينه وبين ما قصد فلم يسرق وكذا سائر المباحات.

[إرشاد وترغيب]

كما علينا أن نجتهد في تطهير أعمالنا من المخالفات وقصرها على الطاعات والمباحات -كذلك علينا أن نجتهد في طاعتنا أن تكون خالصة لوجه الله، وأن نبعد عنا كل خاطر يلفتنا إلى غيره حتى يسلم لنا القصد كله خالصا والعمل كاملا، أو يسلم لنا القصد الأول الذي هو شرط القبول، فإذا كان شيء آخر بعده يكون لاحقا وتابعا، وأن نتفقه ونتدبر بعد ذلك في نيتنا بطاعتنا فنوفرها ونستثمرها ونقصد بها ما حضرنا من وجوه الخير التي يمكن أن تقصد بها. وأن ننظر مثل ذلك في أعمالنا المباحة كأكلنا وشربنا ونومنا ومشينا وراحتنا ورياضتنا، فنقصد بها الاستعداد للطاعات والتقوى لفعل الخيرات وكل ما يمكن أن تؤدي إليه أو تعين عليه من معروف، فتصير أعمالنا المباحات من قسم الطاعات، فما أسعدنا حينئذ وما أعظم ثروتنا من الخير.

نحن لا نسلم من مخالفة وتقصير وفي ذلك علينا خسار كثير ولا يجبر ذلك الخسار إلا بسلوك هذا الطريق الشرعي القويم

<<  <   >  >>