للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى الأرض فأغوتهم وأضلتهم الشياطين. وأخرجتهم: أي كنت سببا في إخراجهم بأكلك من الشجرة. علم كل شيء: أي مما يحتاج إليه في

هداية الناس. واصطفاه على الناس: من غير المرسلين. قدر علي أي سبق به علم الله ومضت به إرادته في الأزل.

[المعنى]

إلتقى هذان النبيان الكريمان التقاءً روحيا في العالم العلوي، فوجه موسى إلى آدم لومه على ما كان منه من الأكل من الشجرة والمخالفة مما أدى إلى إخراجه من الجنة فنسل ذريته بالأرض فكان سببا في خروجهم إليها وتمكنت منهم الشياطين في دار التكليف فأغوت وأضلت من أغوت وأضلت منهم وكان ذلك كله بسببه.

فدفع آدم هذا اللوم بأن ما كان منه كان مقدرا عليه قبل أن يخلق. فلا لوم عليه فيه إذ لا دخل له في التقدير، وعرض آدم لموسى بأنه ما كان ينبغي له أن يكون منه هذا اللوم على المقدر مع علو مقامه بالعلم والاصطفاء, فغلب آدم موسى وقامت حجته عليه.

[بسط وبيان]

دلت الأدلة القطعية أن ما يكون من العبد سبق به علم الله ومضت به إرادته وكتب عليه قبل أن يخلق: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}، {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ}، {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} كما دلت الأدلة القطعية على أن الإنسان مؤاخذ بعمله ملوم عليه لما عنده من التمكن وما له من الاختيار {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}، {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} وأنه لا مؤاخذة

<<  <   >  >>