للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو أن تُتْبعَ الكلمةُ الكلمةَ على وزْنِها أو رَويِّها إشباعاً وتأكيداً، وسئل بعض العرب عن ذلك فقال: هو شيءٌ نَتِدٌ به كلامَنا، وذلك: قولهم ساغِب لاغِب، وهو خَبُّ ضَبُّ، وخراب يَبَاب، وحسن بسن، وقد شاركت العجم العرب في هذا الباب (١).

وللسيوطي فيه تأليف سماه الالماع في الاتباع، وفي قوله (صللم): " انه حَارُّ يارُّ" (٢) كقولهم عطشان نطشان، وجائع نائع، ومثله كثير في الكلام، وإنما سُمِّي إتباعاً، لأنّ الكلمة الثانية إنما هي تابعة للأولى، على وَجْه التوكيد لها، وليس يتكلم بالثانية منفردة فلهذا قِيل إتباع، وظنَّ بعض الناس أن التابع من قبيل المَتَرادف لشَبَهه به، والحقُّ الفرق بينهما فأنهما يفيدان فائدة واحدة من غير تَفَاوت، والتابعُ لا يفيد وحْده شيئاً، بل شرط كونه مفيداً تقدّم الأول عليه كذا قاله الرازي، وقال الآمدي: التابع لا يفيد معنى أصلاً، وقال السبكي: والتحقيق أن التابع يفيد التَّقْوية، فإن العرب لا تضعه سدىً والفرق بينه وبين التأكيد، أن التأكيد يفيدُ مع التقوية نَفْىَ احتمال المجاز، وأيضاً التابع من شرطه أن يكون على زِنة المتبوع (٥٠/ ... ) والتأكيد لا يكون كذلك (٣).

وقال القالي: الإتباع على ضربين: ضرب فيه الثاني بمعنى الأول، فيُؤْتَى به توكيدا، لأن لفظَه مخالفٌ للأول، وضرب فيه معنى الثاني غير معنى الأوَّل، فمن الأول قولهم: رجل قسِيم وسيم، وكلاهما بمعنى الجميل، وضَئِيل بئيل، وجديد قشِيب (٤)، وهما بمعنى ومُضيع مُسيع، وشيطان لَيْطان وأمثلة الاتباع كثيرة ذكرها السيوطي في المزهر (٥).

[التاسعة والعشرون: معرفة العام والخاص]

العامُّ الباقي على عُمومه، وهو ما وُضع عامَّا، واستعمل عامَّا وقد عقد له الثعالبي باب الكليات فمن ذلك: كلّ ما عَلاك فأظلَّك فهو سَمَاء، وكلُّ أرض مستوية فهي صَعِيد، وكل حاجز بين شيئين فهو مَوْبق، وكل بناء مُرَبَّع فهو كعبة وكل بناءٍ عال فهو صَرْح، وكلُّ ما ارتفع من الأرض فهو نجد، الى غير ذلك من الأمثلة وهي كثيرة جداً.


(١) ينظر: مجالس ثعلب: ١/ ٨١، الصاحبي في فقه اللغة:٢٧٠، ينظر فقه اللغة للثعالبي: ٢٤٨، المزهر: ١/ ٤١٤.
(٢) غريب الحديث: ٢/ ٢٧٩، المزهر: ١/ ٤١٤.
(٣) ينظر: غريب الحديث: ٢/ ٢٧٩، الابهاج في شرح المنهاج: ١/ ٢٣٩،٢٤٠، المزهر: ١/ ٤١٥،٤١٦.
(٤) وجديد قشيب سقط من ق.
(٥) ينظر: ما اختلفت ألفاظه واتفقت معانيه للأصمعي: ٤٦، ينظر: كتاب الامالي: ٢/ ٢٠٨،٢١٠،٢١١، ينظر: المزهر: ١/ ٤١٦ - ٤٢٥.

<<  <   >  >>