للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر المحدثون أن من أنواع التصحيف، التصحيف في المعنى، وقد بيناه في كتابنا (منهج الوصول الى اصطلاح أحاديث الرسول) وهو بالفارسية.

وذكر السيوطي في المزهر بعض ما أخذ على كتاب العين من التصحيف لا حاجة بنا الى ذكره هنا وكذا ما أخذ على صاحب الصحاح منه (١).

[الرابعة والأربعون: معرفة الطبقات والحفاظ والثقات والضعفاء]

وقد ألف في ذلك الكثير فمن ذلك طبقات النحاة لأبي بكر الزبيدي ولأبي سعيد السيرافي ومراتب النحويين لأبي الطيب اللغوي.

قال أبو الطيب: قد غلب الجهل وفشا، حتى لا يدرى المتصدر للعلم من رَوَى، ولا من رُوِي عنه؟، ولا مِنْ أين أخذ علمه، وحتى أن كثيراً من أهل دهرنا لا يفرقون بين أبي عُبَيْدة، وأبي عُبَيد، وبين الشيء المنسوب الى أبي سعيد الأصمعي أو أبي سعيد السكرَّي، ويحكون المسألة عن الأحمر، فلا يدرون أهو البصري أو الكوفي، ولا يفرقون بين الأخافش.

وإن أكثر آفات الناس الرؤساء الجهال، والصدور الضلاّل، وهذه فتنة الناس على قديم الأيام وغابر الأزمان، فكيف بعصرنا هذا، وقد وصلنا الى كدر الكدر وانتهينا الى عكر العكر، وأُخِذ هذا العلم عَمَّن لا يعلم ولا يفقه، ولا يحسن يفهم الناس ما لا يفهم، ويعلمهم عن نفسه وهو لا يعلم، يتقلد كل علم ويدعيه، ويركب كل افك، ويحكيه، ويجهل، ويَرَى نفسه عالما، ويعيب مَنْ كان من العيب سالماً، ثم لا يرضى بهذا حتى يعتقد أنه أعلم الناس، ولا يقنعه ذلك حتى يظن: أن كل من أخذ عنه هذا العلم، لو حشروا لاحتاجوا الى التعلم، منه فهو بلاءٌ على المتعلمين، ووبال على المتأدبين.

قال: وإنَّ أول ما اختل من كلام العرب وأحوج الى التعلم الإعراب، لأن اللحن ظهر في كلام الموالي، والمتعربين من عهد النبي (صللم) فقد روينا أَنَّ رجلاً لحن بحضرته فقال: " أرشِدُوا آخاكم فقد ضَلّ " (٢).

وقال أبو بكر: لئن أقرأ فأُسْقِط أحبُّ إليّ من أن أقرأ فألحن، وقد كان اللحن (٧١/ ... ) معروفا، بل قد روينا من لفظ النبي (صللم) أنه قال: " أنا مِن قريش ونشأت في بني سعد فأنِّى لي اللحن " (٣)! وكتب كاتبٌ لأبي موسى الأشعري الى عمر فلحن، فكتب إليه عمر،


(١) المزهر: ٢/ ٣٨١،٣٩٠،٣٩٤.
(٢) مراتب النحويين: أبو الطيب اللغوي: ١،٣،٥، المزهر: ٢/ ٣٩٥،٣٩٦.
(٣) جمهرة اللغة: ٢/ ١٠١٩، الفائق في غريب الحديث: ١/ ١٤١.

<<  <   >  >>