للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخاتمة

في بيان إعجاز القرآن والعلوم المستنبطة من الفرقان

وفيها مسألتان:

- الأولى: في اعجاز الكتاب الكريم:

وقد أفرده بالتصنيف خلائق منهم الخطابي، والرماني، والزملكاني، والرازي، وابن سراقة، والباقلاني وهذا معجزة مستمرة الى يوم القيامة، ومعجزات الأنبياء انقرضت بانقراض أعصارهم، ولا خلاف بين العقلاء أن كتاب الله تعالى معجز لم يقدر أحدٌ على معارضته بعد تحديهم بذلك، ولما جاء به النبي (صللم) اليهم وكانوا أفصح الفصحاء، وأبلغ البلغاء ومصاقع الخطباء وتحدّاهم أن يأتوا بمثله، وأمهلهم طول السنين لم يقدروا عليه (١)، كما قال تعالى: {فَليَأتُوا بحدِيث مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صَادِقِين} (٢).

فلما عجزوا عن معارضته والاتيان بأقصر سورة بل آية تشبهه نادى عليهم بإظهار العجز واعجاز القرآن (٣) فقال: {قُل لَّئن اجْتَمَعت الإنْسُ والجِنُّ على أن يأتُوا بِمِثل هذا القُرآن لا يأتُون بِمِثلِه ولو كَانَ بَعضُهُم لِبَعض ظَهيراً} (٤).

وهم الفصحاء اللدّ، وقد كانوا أحرص شيء على اطفاء نوره، واخفاء أمره وظهوره، فلو كان في مقدرتهم معارضته لعدلوا اليها قطعاً للحجة، ولم ينقل عن أحد منهم أنه حدث نفسه بشيء من ذلك ولا رآمَهُ، بل عدلوا الى العناد تارة، والى الاستهزاء أخرى.

فتارة قالوا سحر، وتارة قالوا شعر، وتارة قالوا أساطير الأولين، كل ذلك من التحير والانقطاع، ثم رضوا بحكم السيف في أعناقهم وسبي ذراريهم وحرمهم، واستباحة


(١) ينظر: معترك الأقران في اعجاز القرآن للسيوطي: ١/ ٥، ينظر: الاتقان: ٢/ ٢٥٢ - ٢٥٣.
(٢) الطور / ٣٤.
(٣) ينظر: الاتقان: ٢/ ٢٥٣.
(٤) الاسراء / ٨٨.

<<  <   >  >>