للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبيذ يسمى خمراً، واللواط يسمى زناً، وذكر الدليل على رده، وقال امام الحرمين في البرهان: والذي نرتضيه إن ذلك باطل (١).

[الحادية عشرة: في سعة اللغة]

قال بعض الفقهاء كلام العرب لا يُحيط به إلا نبي، قال ابن فارس: وهذا كلام حَريُّ أن يكون صحيحاً، وما بلغنا أنّ أحداً ممَّن مضى ادّعى حِفْظ اللغة كلّها وأمّا قول الخليل في آخر الكتاب المنسوب إليه هذا آخر كلام العرب فمأول أو مفترى عليه (٢).

وقال الشافعي: لسان العرب أوسع الألْسِنة مذهباً، وأكثرها ألفاظاً، ولا نعلم أن يحيط بجميع علمه إنسان غير نَبيّ، ولكنه شيء لا يذهب منه شيءٌ على عامَّتها، حتى لا يكون موجوداً فيها مَنْ يَعْرِفه، والعلم به عند العرب كالعلم بالسُنة (١٩/ ... ) عند أهل الفقه، لا يعلم رجل جميع السُّنن فلم يّذْهب منها عليه شيء فإذا جُمِع علمُ عامَّة أهل العلم بها أَتَى على السُّنن، وإذا فُرّقَ كل واحد منهم ذَهَبَ عليه الشيء منها، ثم كان ما ذَهَبَ عليه منها موجوداً عند غيره، وهم في العلم طبقات: منهم الجامعُ لأكثره، وإن ذَهَبَ عليه بعضُه، ومنهم الجامع لأقَلُّ مما جمع غيره، وليس قليل ما ذَهَبَ من السُّنن على مَنْ جمع أكثرها، دليلاً على أن يطلب علمه عند غير طبقته من أهل العلم، بل (٣) يطلب عند نُظرائه ما ذهب عليه حتى يُؤْتَى على جميع سنن رسول الله (صللم) بأبي هو وأمي.

فتفرد جملة العلماء بجَمْعها (٤) وهم درجات فيما وَعَوْا منها، وهذا لسان العرب عند خاصَّتها وعامَّتها لا يَذهبُ منه شي عليها، ولا يُطلبُ عند غيرها، ولا يَعْلمه إلاَّ من قَبِلَه منها، ولا يَشْركها فيه إلاّ من اتّبعها وقَبِله منها، فهو من أهل لسانها وعِلْمُ أكثر اللسان في أكثر العرب أعَمُّ من علم أكثر السُنن في العلماء، هذا نص الإمام الشافعي بحروفه ... انتهى (٥).

قال ابن فارس إنّ لغة العرب لم تنته إلينا بكلّيتها، وإن الذي جاءنا عن العرب قليل من كثير، وإنَّ كثيراً من الكلام ذهب بذهاب أهله، ولو جاءنا جميع ما قالوه لجاءنا شعر


(١) ينظر: البحر المحيط: ٢/ ٢٧،٢٩، المزهر: ١/ ٥٩ - ٦٢.
(٢) الصاحبي في فقه اللغة: ٣٧، والمزهر: ١/ ٦٤.
(٣) في الأصل بأن والصواب ما أثبتناه عن الرسالة للامام الشافعي: ٤٢،٤٣.
(٤) في الأصل بحملتها والصواب ما أثبتناه عن المصدر نفسه: ٤٣.
(٥) الرسالة: ٤٢ - ٤٤، والمزهر: ١/ ٦٥،٦٦.

<<  <   >  >>