للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلم يسلموا، وفي عودتهم توفيّ عامر بالطاعون، وأصابت أريد صاعقة فأحرقته، فذلك قوله: (فجعني الرعد والصواعق بالفارس ... )

ما إنْ تُعَرّي المَنُونُ مِنْ أحَدِ ... لا والِدٍ مُشفِقٍ وَلا وَلَدِ

أخشَى على أَرْبَدَ الحُتُوفَ وَلا ... أرْهَبُ نَوْءَ السِّماكِ والأسَدِ

فَجَّعَني الرَّعدُ والصَّواعِقُ بالـ ... فارِسِ يومَ الكَرِيهَةِ النّجُدِ

الحارِبِ الجابِرِ الحَريبَ إذا ... جاء نَكيباً وإنْ يَعُدْ يَعُدِ (١)

يَعْفُو عَلى الجَهْدِ والسّؤالِ كما ... أُنْزِلَ صَوْبُ الرَّبيعِ ذي الرَّصَدِ (٢)

لمْ يُبْلِغِ العَينَ كُلَّ نَهْمَتِها ... لَيلَة َ تُمسي الجِيادُ كالقِدَدِ (٣)

كُلُّ بَني حُرَّة ٍ مَصِيرُهُمُ ... قُلٌّ وإنْ أكثَرْتَ مِنَ العَدَدِ

إنْ يُغْبَطُوا يُهْبَطُوا وإنْ أَمِرُوا ... يَوْماً يَصِيرُوا [للهُلْكِ] والنَّكَدِ (٤)

يا عَينُ هَلَاّ بَكَيْتِ أرْبَدَ إذْ ... قُمْنا وقامَ الخُصُومُ في كَبَدِ

وعَينِ هَلَاّ بَكَيْتِ أرْبَدَ إذْ ... ألْوَتْ رِياحُ الشّتاء بالعَضَدِ (٥)

فأصْبَحَتْ لاقِحاً مُصَرَّمَة ً ... حينَ تَقَضَّتْ غَوابِرُ المُدَدِ (٦)

إنْ يَشْغَبُوا لا يُبَالِ شَغْبَهُمُ ... أوْ يَقْصِدوا في الحُكومِ يَقْتَصِدِ (٧)


(١) الحارب: الذي يبتز المال. الحريب: الذي سُلِبَ ماله. النكيب: المنكوب.
(٢) يعفو: أي يعطي لكثرة ما يُسْأل. الرَّصَد: القليل من الكلأ والمطر، أو المطر يأتي بعد المطر. وقيل: الطريق، ومنه قوله تعالى: {فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا}.
(٣) كل نهمتها: أي كل ما تطمع فيه وتشرّه إليه. القدد: سيور الجلد.
(٤) ما بين قوسين يروى بلفظ: [للبؤس].
(٥) ألوت: ذهبت. العضد: الشجر اليابس.
(٦) مصرّمة: مقطوعة الأطباء ليس لها درة إنما درنها الدم. غوابر: اللواتي يَبْقين.
(٧) يشغبوا: يجوروا في الخصومة ويجاوز ما حدّ الاعتدال. الشغب: القتال. الحكوم: القضاء عند التحكيم.

<<  <   >  >>