للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيان أنه لا يتم إسلام عبد حتى يكون متبعاً مصدقاً مسلماً

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [واعلم رحمك الله! أنه لا يتم إسلام عبد حتى يكون متبعاً مصدقاً مسلماً، فمن زعم أنه قد بقي شيء من أمر الإسلام لم يكفوناه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كذبهم، وكفى بهذا فرقة وطعناً عليهم، وهو مبتدع ضال مضل محدث في الإسلام ما ليس فيه].

قوله: (اعلم رحمك الله أنه لا يتم إسلام عبد حتى يكون متبعاً مصدقاً مسلماً) فلابد أن يكون مصدقاً أي: مقراً ومعترفاً بما جاء عن الله وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكون لسان حاله ومقاله: آمنا بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنا برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله، وبذلك يتم إسلام العبد ويكون متبعاً للرسول صلى الله عليه وسلم مصدقاً مسلماً مسلِّماً، فمن لم يصدق بالباطن يكون منافقاً، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} [البقرة:٨] فهم يقولون: آمنا بألسنتهم وما هم بمؤمنين بقلوبهم، وقال سبحانه: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون:١].

لا يتم إسلام العبد حتى يكون مسلِّماً لأمر الله وأمر رسوله ولا يكون معترضاً، فمن اعترض على أمر الله وعلى أمر رسوله فهذا كفر وضلال، فإبليس قابل أمر الله بالاعتراض والرد وهو لم يكذب بل هو مصدق لكنه معترض على الله ورد أمر الله: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ} [البقرة:٣٤] وهذا اعتراض ورد لما أمره الله بالسجود لآدم ما أنكر أمر الله، وهو معترف أن هذا أمر الله، لكنه اعترض ورد أمر الله لأن آدم مخلوق من الطين وهو مخلوق من النار، والنار أحسن من الطين وأفضل ولا يمكن أن يخرج بزعمه عن الفاضل إلى المفضول {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف:١٢]، فكفر وطرد من رحمة الله بالرفض والرد والاعتراض على الله.

(فمن زعم أنه قد بقي شيء من أمر الإسلام لم يكفوناه أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقد كذبهم) أي: من زعم أن هناك شيئاً ما نقله الصحابة ولا وصل إلى أيدينا من الدين فقد كذب الصحابة.

ثم قال: (وكفى به فرقة وطعناً عليهم) من كذب الصحابة فقد أعظم الطعن عليهم، ومن كذب الصحابة فهو مبتدع ضال مضل محدث في الإسلام ما ليس منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>