للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر بعض البلدان التي انتشرت فيها البدع والمحدثات]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [قال عبد الله بن المبارك: لا تأخذوا عن أهل الكوفة في الرفض شيئاً ولا عن أهل الشام في السيف شيئاً، ولا عن أهل البصرة في القدر شيئاً، ولا عن أهل خراسان في الإرجاء شيئاً، ولا عن أهل مكة في الصرف شيئاً، ولا عن أهل المدينة في الغناء، لا تأخذوا عنهم في هذه الأشياء شيئاً].

(يقول عبد الله بن المبارك الإمام الورع الزاهد المشهور: (لا تأخذوا عن أهل الكوفة في الرفض شيئاً)، أي: فيما يتعلق في رفض الصحابة؛ لأن مذهب الرافضة منتشر في الكوفة، فلا تأخذوا عنهم فيما يتعلق بالصحابة في الرفض، ولكن خذوا عن غيرهم من أهل الحق مع الاستقامة.

(ولا عن أهل الشام في السيف شيئاً)، فيما يتعلق بالسيف والقصاص والقتل والقود لا تأخذوا عنهم؛ لأنهم أهل قتال، ولأنهم قتلوا الحسين فلا تأخذوا عنهم فيما يتعلق بالسيف شيئاً؛ لأنهم يستعملون السيف، فهم متهمون فلا يؤخذ عنهم أحكام القتل والقتال.

(ولا عن أهل البصرة في القدر شيئاً)؛ لأن الكلام في القدر اشتهر في البصرة، فلا يؤخذ عن أهل البصرة، وإنما يؤخذ عن غيرهم.

(ولا عن أهل مكة في الصرف شيئاً)، الصرف أي: المصارفة وصرف النقود؛ لأنهم يبيحون شيئاً من المصارفة، فلا يؤخذ عنهم.

(ولا عن أهل المدينة في الغناء شيئاً)؛ لأن أهل المدينة كانوا يبيحون نوعاً من الغناء فلا يؤخذ عنهم.

وقال بعض السلف: من تتبع رخص العلماء تزندق، فالذي يتتبع الرخص ويأخذ من كل مذهب المسألة الشاذة ويجمعها ينسلخ من الدين، فتجد المتزندق هو الذي يتبع الأهواء، فيأخذ عن أهل الكوفة الرفض؛ لأنهم يبيحون القدح فيالصحابة، ويأخذ عن أهل الشام أحكام القتال، وأنه يجوز قتل الإنسان ولو لم توجد الشروط الموجية لذلك، ويأخذ من أهل البصرة مذهبهم في القدر، ويأخذ عن أهل خراسان مذهبهم في الإرجاء، ويأخذ عن أهل مكة طريقة تعاملهم في الصرف، ويأخذ عن أهل المدينة مذهبهم في الغناء، فهو بذلك ينسلخ من الدين.

فقال: الغناء حلال؛ لأن أهل المدينة يبيحونه، والربا حلال؛ لأن أهل مكة يبيحون الصرف، والإرجاء كذلك جائز؛ لأن أهل خراسان يبيحون الإرجاء، والقدر ليس هناك شيء مقدر؛ لأن أهل البصرة ينفون القدر، وكذلك ما يتعلق بالسيف والقتال لا بأس به؛ لأن أهل الشام يبيحون هذا، فيصبح زنديقاً وينسلخ من الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>