للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تعريف الإسلام]

والإسلام: هو الاستسلام لله بالتوحيد والخضوع والذل، والانقياد لله تعالى بالتوحيد، وأداء الأوامر واجتناب النواهي.

وسمي الإسلام إسلاماً لما فيه من الاستسلام والانقياد لأوامر الله عز وجل والانتهاء عن نواهيه، فالمسلم منقاد مستسلم لأمر الله خاضع ذليل، فالإسلام هو الاستسلام لله تعالى بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص والبراءة من الشرك وأهله، ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (الحمد لله الذي هدانا للإسلام ومن علينا به) ولا شك أن الله تعالى هو الذي من علينا، والعباد ليس لهم حق على الله، لكن الله هو الذي تفضل عليهم وأنعم عليهم، فالله تعالى له النعمة وله الفضل، فنحمده سبحانه أن هدانا للإسلام ومن علينا بالإيمان، كما قال الله سبحانه وتعالى في ضعفاء الإيمان في سورة الحجرات: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات:١٧].

ثم قال المؤلف رحمه الله: (وأخرجنا في خير أمة) يعني: فنحمد الله على هذه الأمور، نحمد الله على أن هدانا للإسلام وأخرجنا في خير أمة وهي أمة محمد صلى الله عليه وسلم، كما قال الله عز وجل: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:١١٠].

وهذه الخيرية إنما حصلت للأمة بالإيمان بالله ورسوله وبالأمر بالمعروف وبالنهي عن المنكر، فمن حقق هذه الصفات حصلت له الخيرية، ومن ضيع هذه الصفات فاتته الخيرية.

والإيمان بالله هو أصل الدين وأساس الملة، ولكن قدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الآية لأهميتهما وعظم شأنهما، ولأنهما قوام الدين، فالدين كله أمر ونهي، فأنت تأمر نفسك بالخير وتنهاها عن الشر، وتأمر غيرك بالخير وتنهاه عن الشر، فتأتمر بالأوامر، وتنهى نفسك عن النواهي، وتأمر غيرك بالأوامر وتنهاه عن النواهي، ولهذا قدم الله تعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذه الآية، وإن كان الإيمان بالله هو أصل الدين وأساس الملة.

ثم قال المؤلف رحمه الله: (فنسأله التوفيق لما يحب ويرضى، والحفظ مما يكره ويسخط)، وهذا دعاء المؤلف رحمه الله لطالب العلم، فهو يعلمك وينصحك ويدعو لك، فقد سأل لنفسه ولإخوانه وللطلبة، قال: (نسأله التوفيق لما يحب ويرضى)، يعني: نسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى، والذي يحبه ويرضاه هو ما شرعه في كتابه وعلى لسان رسوله، فهو يحب سبحانه وتعالى من عباده أن يعبدوه ويوحدوه ويخلصوا له العبادة ويمتثلوا الأوامر ويجتنبوا النواهي.

التوفيق: يعني الإعانة الإلهية، وهو إعانة يخص الله بها المؤمن، والتوفيق من الله والإعانة من الله، فالإعانة نعمة جليلة خص الله بها المؤمن دون غيره، وحبب إليه الإيمان وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان، كما قال سبحانه وتعالى: {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً} [الحجرات:٧ - ٨]، فالمؤمن له نعمة جلية فقد أنعم عليه نعمة جلية وخصه بها دون الكافر، فلولا الإعانة من الله لما اهتدى المهتدون، ولهذا سأل المؤلف رحمه الله الإعانة والتوفيق من الله.

قال: (ونسأله سبحانه التوفيق لما يحب ويرضى) أي: من الأقوال والأعمال، فيفعل المسلم ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال ويترك ما يسخطه من الأقوال والأعمال، ولهذا قال: (والحفظ مما يكره ويسخط) يعني: نسأل الله أن يحفظنا مما يكره ويسخط وهي النواهي، وأعظمها الشرك بالله عز وجل، ثم العدوان على الناس في الدماء والأموال، والعدوان على الناس في الأعراض، فهذا دعاء عظيم جعله المؤلف رحمه الله في مقدمة هذه الرسالة بعد حمد الله والثناء عليه.

ثم بعد ذلك شرع المؤلف رحمه الله في تفاصيل مسائل السنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>