للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بيان أن الدنيا دار إسلام ما دامت تقام فيها الشرائع والشعائر]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [واعلم بأن الدنيا دار إيمان وإسلام].

قال الإمام أبو بكر الإسماعيلي في اعتقاد أهل السنة: ويرون -أي: أهل السنة- أن الدار دار إسلام لا دار كفر كما رأته المعتزلة، ما دام النداء بالصلاة والإقامة بها ظاهرين وأهلها ممكنين.

فإذا كان في البلد من يقيم الإسلام وينادي بالصلاة فهي دار إسلام، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أغار على قوم انتظر فإن سمع النداء تركهم، وإن لم يسمع النداء أغار عليهم؛ لأنهم ليسوا مسلمين.

فتكون الدار دار إيمان وإسلام إذا كانت شعائر الإسلام ظاهرة فيها، وإن لم تكن فيها شعائر الإسلام ظاهرة فهي دار كفر.

وقال بعضهم: العبرة بالحكم الذي يحكم فيها، فإن كان يحكم فيها بالشريعة فهي دار إسلام، وإن لم يحكم فيها بالشريعة فليست دار إسلام.

فمعنى قول المؤلف: (اعلم بأن الدنيا دار إيمان وإسلام) يعني: مادام أن شعائر الإسلام ظاهرة كالنداء بالصلاة والإقامة بها وإظهار شعائر الإسلام.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وأمة محمد صلى الله عليه وسلم فيها مؤمنون في أحكامهم، ومواريثهم، وذبائحهم، والصلاة عليهم].

يعني: يعاملون معاملة المسلمين، فالمواريث يرث كل واحد من أقاربه، وذبائحهم حلال، ويصلى عليهم؛ لأنهم مسلمون خلافاً للمعتزلة والخوارج الذين يقولون: ليس هناك دار إيمان ولا إسلام، فإذا كان الناس يفعلون المعاصي فليست دار إسلام، ولا تحل ذبائحهم، ولا يصلى عليهم؛ لأنهم كفار، وهذا هو مذهب الخوارج والمعتزلة والروافض.

يقول الشوكاني في السيل الجرار: الاعتبار بظهور الكلمة، فإن كانت الأوامر والنواهي في الدار لأهل الإسلام بحيث لا يستطيع من فيها من الكفار أن يتظاهر بكفره إلا لكونه مأذوناً له بذلك من أهل الإسلام فهذه دار إسلام، ولا يضر ظهور خصال الكفر فيها؛ لأنها لم تظهر بقوة الكفار، ولا بصولتهم، وإذا كان الأمر بالعكس، فالدار بالعكس.

<<  <  ج: ص:  >  >>