للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يضرّ بالصائم، وعليه يُحمَل قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ليس من البر الصِّيام في السفر".

يوضّح ما قاله شيخنا -رحمه الله- مناسبة الحديث؛ فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سفرٍ فرأى زحاماً ورجلاً قد ظُلِّل عليه فقال: ما هذا؟ فقالوا: صائم، فقال: ليس من البرّ الصوم في السفر" (١).

قال ابن خزيمة -رحمه الله- في "صحيحه" (٣/ ٢٥٥): "أي: ليس البر الصوم في السفر؛ حتى يُغشى على الصائم ويحتاج إِلى أن يُظلل ويُنضح عليه، إِذ الله -عزّ وجلّ- رخّص للمسافر في الفطر، وجعل له أن يصوم في أيّام أخر، وأعلم في حُكم تنزيله؛ أنه أراد بهم اليسر لا العسر في ذلك، فمن لم يَقبل يُسر الله، جاز أن يقال له: ليس الحسر أخذك بالعسر عليك من البّر.

وقد يجوز أن يكون في هذا الخبر: "ليس البر أن تصوموا في السفر أي: ليس كل البرّ هذا، قد يكون البر أيضاً [أن] تصوموا في السفر [و] قبول رخصة الله والإِفطار في السفر".

وقوله: "أولئك هم العصاة"، وفيما سوى ذلك فهو مخير إِن شاء الله صام، وإِن شاء أفطر، وهذا خلاصة ما تدل عليه أحاديث الباب، فلا تعارض بينها والحمد لله".

وقال -رحمه الله- (ص ٢٦٠): (باب استحباب الصوم في السفر لمن قوي عليه، والفِطر لمن ضعُف عنه).

ثمّ ذكَر حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- المتقدّم ... "فلم


(١) أخرجه البخاري: ١٩٤٦، ومسلم: ١١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>