للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهوراً أو سنوات، وقد يقول قائل: إِنّ تأخير عائشة -رضي الله عنها- قضاءَها إِلى شعبان ليس على الوجوب. فماذا إِذاً؟!

أليس هذا بِمُفضٍ إِلى التقصير والتأخير؛ بل التفريط؟!

ولا يخفى علينا قوله تعالى: {وما تدري نفس ماذا تكسب غداً} (١).

وعن أبي أُمَامَة بن سهل قال: "دخلت أنا وعروة بن الزبير يوماً على عائشة، فقالت: لو رأيتما نبيّ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذات يوم، في مَرضٍ مَرِضَه.

قالت: وكان له عندي ستةُ دنانير -قال موسى: أو سبعة- قالت: فأمرني نبيّ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن أفرّقها، قالت: فشغلني وجع نبيّ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى عافاه الله.

قالت: ثم سألني عنها؟ فقال: ما فعَلت الستة -قال: أو السبعة-؟ قلت: لا والله، لقد كان شغلني وجعك.

قالت: فدعا بها، ثمّ صفَّها في كفّه، فقال: "ما ظنُّ نبيِّ الله لو لقي الله عزّ وجلّ، وهذه عنده! يعني: ستة دنانير أو سبعة" (٢).

فهذا هو حُسن الظنّ بالله -سبحانه- فمن وافتْه المنيّة وقد أدّى ذلك؛ فقد فعَل الخير.

ومن وافتْه المنيّة في فترةٍ كان يستريح فيها يوماً أو يومين أو أكثر من ذلك، ذلك بحسب طاقته وقدرته، وقد عَلِم الله تعالى منه صِدق نيّته، فإِنه يرتجى له من الله المغفرة والرحمة، ولكن من أَخّر وسوَّف، فهذا الذي نرثي


(١) لقمان: ٣٤.
(٢) أخرجه أحمد وغيره، وصححه شيخنا -رحمه الله- في "الصحيحة" (١٠١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>