للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له ونأسف عليه.

ثمّ ما الفرق بين هذا وبين الذي استطاع الحجّ فأجّله لغير عُذر، ثمّ جاء أجله ولم يحجّ!

وعلى كلّ حال إِنّ مدار الأمر لا يُغادر وجود العُذر وعدم الاستطاعة؛ لمن أجَّل وفرّق، والله -تعالى- أعلم.

ثمَّ تدبّرت بعض ما جاء في الطرق الأُخرى من حديث عائشة -رضي الله عنها- المتقدّم بلفظ: "إِنْ كانت إِحدانا لتُفطر في زمان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فما تقدر على أن تقضيه مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ حتى يأتي شعبان" (١).

فتأمّل يرحمك الله: "أنْ تقضيه مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -"، وتدبّر -وفّقك الله- الطريق الأخرى بلفظ: "ما كنتُ أقضي ما يكون عليّ من رمضان إلاَّ في شعبان، حتى توفّي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -" (٢).

فماذا بعد أن توفّي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟

هل كانت عائشة -رضي الله عنها- تؤخّر القضاء إِلى شعبان؟

لا شكّ أنّ الجواب ظاهر، لأنّ الشغل برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا وجود له بعد مصيبة موته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وكذلك لا محلّ لعدم الاستطاعة التي كانت تقولها -رضي الله عنها-:


(١) أخرجه مسلم: ١١٤٦.
(٢) أخرجه الترمذي وابن خزيمة وغيرهما، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وانظر "الإِرواء" (٤/ ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>