للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الطبيب المشرك (١):

قال الشيخ تقي الدين (٢): "إِذا كان اليهودي أو النصراني خبيراً بالطب ثقة عند الإِنسان؛ جاز له أن يستطبّ كما يجوز له أنْ يودِعه المال وأن يعامله، كما قال -تعالى-: {ومن أهل الكتاب من إِن تأمنه بقنطار يُؤَدِّهِ إِليك ومنهم من إِن تأمنه بدينار لا يُؤَدِّهِ إِليك} [آل عمران: ٧٥] ".

وفي "الصحيح": "أنّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما هاجر؛ استأجر رجلاً مشركاً هادياً خِرِّيتاً" (٣). والخريت: الماهر بالهداية، وَأْتَمَنَهُ على نفسه وماله.

وكانت خُزَاعَةُ عَيْبَةً لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسلمُهم وكافرُهم (٤).

وإذا أمكنه أنْ يستطبّ مسلماً؛ فهو كما لو أمكنه أن يودعه أو يعامله، فلا ينبغي أن يَعْدِلَ عنه. وأمّا إِذا احتاج إِلى ائتمان الكتابيّ أو استطبابه؛ فله ذلك، ولم يكن من ولاية اليهود والنصارى المنهيّ عنها، وإِذا خاطبه بالتي هي أحسن كان حسَناً؛ فإِنّ الله -تعالى- يقول: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إِلا


(١) انظر "فقه السّنّة" (١/ ٤٩٢).
(٢) انظر "الآداب الشرعية" لابن مفلح (٢/ ٩٤).
(٣) أخرجه البخاري: ٣٩٠٥.
(٤) أخرجه البخاري: ٢٧٣١، ٢٧٣٢ بلفظ: "وكانوا عيبةَ نُصْح رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -".
قال الحافظ -رحمه الله- في "الفتح" (٥/ ٣٣٧): "العَيبة: ما توضع فيه الثياب لحِفظها؛ أي: أنهم موضع النصح له والأمانة على سرّه، كأنّه شبّه الصدر -الذي هو مستودع السر- بالعيبة التي هي مستودع الثياب".

<<  <  ج: ص:  >  >>